كانوا يشاركون في الافتراء ، وحياكة الأباطيل حينا آخر ، إلى جانب تخذيلهم المسلمين ، وبث الإشاعات الباطلة ، وحبهم إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا.
هذا كله : عدا عن كونهم عيونا للأعداء ، يطلعونهم على عورات المسلمين ، ويعلمونهم بأي تحرك منهم ، حتى كان النبي «صلى الله عليه وآله» كلما أراد غزوة ورى بغيرها ، وكان يستخدم أساليب كثيرة ومتنوعة ليعمي عليهم الأمور ، ويضللهم عن مقاصده الحقيقية.
عداك عما كان أولئك المنافقون يمارسونه من أساليب اللمز والهمز. إلى جانب الكثير من الإفك والافتراء ، والهزء والازدراء.
ولكنهم حين قويت شوكة المسلمين لم يجدوا مناصا من العض على الجراح ، خصوصا بعد أن ظهر لهم : أن التحركات العسكرية للمسلمين في المناطق المختلفة كانت تسقط مواقع العدوان والتآمر الواحد تلو الآخر ، وتقضي عليها ، أو تحولها إلى مواقع قوة وصمود للمسلمين.
فكان أن رأينا المنافقين يشاركون في غزوة بني المصطلق ولعلهم كانوا قد وثقوا بانتصار المسلمين ، فأرادوا الحصول على مكاسب مادية لهم.
ولكن نفاقهم الذي كانوا يصرون على التبرؤ منه لم يزل يظهر على صفحات وجوههم ، وفي فلتات ألسنتهم ، الأمر الذي أثار حالة من الإرباك ، الذي لو لم يتداركه الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» لبلغ إلى حد حدوث فتنة داخلية ، يخوض فيها ضعاف البصر والبصيرة حتى آذانهم ، ويوقعون الإسلام والمسلمين في مآزق خطيرة ، هم في غنى عنها.
وقضية عبد الله بن أبي كانت من هذا القبيل كما اتضح من النصوص التي سلفت.