٤ ـ إن ابن خلدون يقول : «وفر عنهم عمرو بن سعدى القرظي ، ولم يكن دخل معهم في نقض العهد ، فلم يعلم أين وقع» (١).
٥ ـ قال الذهبي وغيره : «كان عمرو بن سعدى اليهودي في الأسرى ، فلما قدموه ليقتلوه ، فقدوه ، فقيل : أين عمرو؟!
قالوا : والله ، ما نراه ، وإن هذه لرمته التي كانت فيها (الرمة قطعة من حبل) فما ندري كيف انفلت.
فقال رسول الله «صلّى الله عليه وآله» : أفلت بما علم الله في نفسه» (٢).
ونقول :
أولا : إنك ترى النصوص التاريخية لهذا الحدث مختلفة فيما بينها ، مما يشير إلى وقوع تشويه عفوي أو عمدي في هذه القضية.
ثانيا : إذا كان هذا الرجل قد أبى الدخول مع قومه في الغدر ، فمن الواضح : أن النبي «صلّى الله عليه وآله» لن يعاقبه بما فعل الآخرون ، وقد قال الله تعالى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)(٣).
بل سوف يجد نفسه معززا مكرما في ظل الإسلام ، حتى ولو أراد أن يبقى على يهوديته.
وذلك يجعلنا نشك كثيرا فيما يزعمونه من أنه قد ربط مع قومه ليقتل ثم هرب.
وكذا ما يزعمونه من أنهم قدموه ليقتلوه فانفلت منهم دون أن يشعروا.
__________________
(١) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٣١ وجوامع السيرة النبوية ص ١٥٤.
(٢) تاريخ الإسلام المغازي ص ٢٦٠ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٢٠.
(٣) الآية ١٦٤ من سورة الأنعام و ١٥ من سورة الإسراء و ١٨ من سورة فاطر و ٧ من سورة الزمر.