نبي الله. وما منعنا من الدخول معه إلا الحسد للعرب ، حيث لم يكن نبيا من بني إسرائيل ، فهو حيث جعله الله. ولقد كنت كارها لنقض العهد والعقد ، ولكن البلاء ، وشؤم هذا الجالس (يعني حيي بن أخطب) علينا وعلى قومه ، وقومه كانوا أسوأ منا. لا يستبقي محمد رجلا واحدا إلا من تبعه.
أتذكرون ما قال لكم ابن حواس ، حين قدم عليكم ، فقال : تركت الخمر والخمير والتأمير ، وجئت إلى السقاء والتمر والشعير؟!
قالوا : وما ذلك؟
قال : يخرج من هذه القرية نبي ؛ فإن خرج وأنا حي اتبعته ونصرته ، وإن خرج بعدي فإياكم أن تخدعوا عنه ، فاتبعوه ، وكونوا أنصاره وأولياءه ، وقد آمنتم بالكتابين كليهما الأول والآخر.
قال كعب : فتعالوا ؛ فلنتابعه ، ولنصدقه ، ولنؤمن به ، فنأمن على دمائنا ، ونسائنا وأموالنا ، فنكون بمنزلة من معه.
قالوا : لا نكون تبعا لغيرنا ، نحن أهل الكتاب والنبوة ، ونكون تبعا لغيرنا؟!
فجعل كعب يرد عليهم الكلام بالنصيحة لهم.
قالوا : لا نفارق التوراة ، ولا ندع ما كنا عليه من أمر موسى.
قال : فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا ، ثم نخرج في أيدينا السيوف إلى محمد وأصحابه ، فإن قتلنا ، قتلنا وما وراءنا أمر نهتم به ، وإن ظفرنا فلعمري لنتخذن النساء والأبناء فتضاحك حيي بن أخطب ، ثم قال : ما ذنب هؤلاء المساكين؟
وقالت رؤساء اليهود : الزبير بن باطا وذووه : ما في العيش خير بعد هؤلاء.
قال : فواحدة قد بقيت من الرأي لم يبق غيرها ، فإن لم تقبلوها فأنتم بنو استها.
قالوا : وما هي؟!