وهذا النص يعطينا صورة عن رفض مهاجري قريش وإبائهم عن أن يكون هذا الرجل الأنصاري العظيم له امتياز عليهم. ولا أقل من أنه يشير إلى حالة من الاستعلاء الخفي عن أن يكون للأنصار ما يعتزون به في مقابل المهاجرين.
كما أن أولئك الذين يريدون تعزيز موقف بعض المهاجرين الذين يمثلون لهم رموزا دينية أو غيرها قد ادعوا ما هو أبعد من ذلك ، فقالوا : إنما أمّر رسول الله «صلى الله عليه وآله» الأنصار بل خصوص الأوس بذلك (١).
ونرى أن الأنصار كانوا في هذه القضية بالذات أكثر إنصافا ، وأقرب إلى الحق فيما يرتبط بفهم مداليل الكلام ومراميه ، أو هكذا يخيل لنا الآن.
لا سيما إذا عرفنا أن مهاجري قريش بالذات ، دون غيرهم من سائر المهاجرين ، هم الذين يهتمون أكثر من غيرهم برفض هذا الأمر.
الأمر الذي يعطينا : أنهم يشعرون أنه يعنيهم أكثر من غيرهم.
كما أن هذا : قد يشير إلى أن غيرهم لا يشاركهم الرأي فيما يرتبط بفهم المدلول الحقيقي لأمر الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله».
على أننا نريد أن نلفت النظر هنا : إلى التضحيات الجسام ، التي قدمها الأنصار للمهاجرين. بل وحتى في هذه الغزوة بالذات ، فإن سعد بن معاذ الشهيد نفسه قد حكم بأن تكون دور بني قريظة للمهاجرين دون الأنصار.
__________________
(١) راجع : فتح الباري ج ١١ ص ٤٣ وراجع : هامش صحيح مسلم ج ٥ ص ١٦٠.