وهكذا تظهر آثار صلح الحديبية على روحيات قريش ، وعلى تصرفاتها ؛ لتؤكد على يأسها من أن تقف في وجه دعوة الإسلام ، وفي وجه نبيه الأكرم «صلىاللهعليهوآله» ، بل إن حويطبا لا يستيقن بظهوره على قريش وحسب ، وإنما بظهوره على جميع الخلق أيضا ..
وإذا كانت قريش تظن فيما سلف : أن في اليهود بعض القوة على المواجهة ، فها هي أصبحت تراهن على اندحارهم أمام النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وتعطي الضمانات الكبيرة والكثيرة (مائة بعير) ، للدلالة على صحة يقينها بنصره «صلىاللهعليهوآله» على أعظم قوة ضاربة في المنطقة ، فإن اليهود كانوا عشرة آلاف.
يضاف إلى ذلك : نصف هذا العدد من حلفائهم من غطفان ، وبني فزارة ..
وكانوا يملكون كنزا من الذهب يضيق عنه مسك جمل ، ولديهم من المزارع والنخيل ، والأرض الواسعة ، والمياه الغزيرة .. ما لم يكن لأحد سواهم في تلك المناطق.
ولديهم الحصون الحصينة والكثيرة. ولم يكن لدى غيرهم مثلها ، أو ما يدانيها.
ولديهم من الطعام الذي جمعوه في حصونهم ما يكفيهم الأيام المديدة ، والشهور العديدة ..
ولديهم أنواع من السلاح والعتاد ما لم يكن نظيره لدى المسلمين ، لا من حيث النوع ، مثل الدبابات ، والمنجنيق ، ولا من حيث الكمية.
ولديهم الحقد الدفين ، والثارات والترات التي يطلبونها من رسول الله