ينال هذا الشرف عن جدارة واستحقاق .. ولعل وعسى أن تكون المبادرة الطوعية إلى هذا الأمر هي الأصلح ، والأكثر ملاءمة لمعنى الخلوص والإخلاص في هذا العمل الهام والخطير.
هذا بالإضافة : إلى أنه كانت هناك مصلحة في سدّ أبواب انتحال الأعذار ، التي قد لا تتوقف حتى عند اتهام النبي الأكرم «صلىاللهعليهوآله» بمحاباة أودّائه وأصفيائه ، وذوي قرابته .. أو ما هو من هذا القبيل.
فكان أن بادر «صلىاللهعليهوآله» إلى عرض هذه الراية على كل الناس ، فعسى ولعل ، ولعل وعسى .. ولكن شرط أن لا يكونوا من أولئك الطامحين ، ولكن لا إلى الجهاد في سبيل الله تعالى ، وإنما إلى أمور أخرى ، دلت عليها مواقفهم السابقة ، فقد أثبتوا بصورة عملية وقاطعة : أن أنفسهم أحب إليهم من الله ورسوله ، وجهاد في سبيله.
ويستشرف لها هؤلاء الطامعون ، ولكن لا برضا الله عزوجل والجنة ، وإنما بالمناصب والمراتب ..
فكان لا بد من صدهم بقوة ، وحزم ، ليفهم الناس كلهم : أن لا مجال للتفريط بدين الله تعالى ، ولا يصح إفساح المجال للتلاعب بمصير الناس ، وخداعهم عن إسلامهم ، بعد أن أظهرت الوقائع سوء صنيعهم ، وقبيح فعلهم ، الذي من شأنه أن يجرئ الأعداء ، وأن يوهن عزم الأولياء ..
٣ ـ وقد استدرجهم النبي «صلىاللهعليهوآله» للإعلان عن أنفسهم ، وإظهار دخائلهم ، من جديد حين أخذ الراية ، وهزها ، وقال : من يأخذها بحقها ، فطمع أولئك الذين تخاذلوا بها فيما سبق ، وظنوا : أن الفرصة قد واتتهم مرة أخرى ، وأن بالإمكان استغفال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ،