شورى بين المسلمين ..
وقد يجدون من طلاب اللبانات ، ومن عبيد الدنيا ، من يرغب في تصديق مزاعمهم هذه ، فجاءت قضية غدير خم لتقول للناس : لا تقبلوا أمثال هذه الأعذار.
وذلك لأن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بمجرد أن انقضت مراسم الحج ، ترك مكة فورا ، وخرج مع الحجيج العائد إلى بلاده قبل أن يتفرقوا.
وكان رؤوس هؤلاء الطامعين والطامحين يرافقونه ليعودوا معه إلى المدينة ، وبقي في مكة والطائف ، وفي كل هذا المحيط أنصار هؤلاء ومحبوهم .. وقد ابتعدوا شيئا فشيئا عن المناطق التي تدين لهم بالولاء ، وأصبحوا غير قادرين على الإقدام على أية إساءة للرسول «صلىاللهعليهوآله» .. لأنهم أصبحوا لا يستطيعون مواجهة عشرات الألوف ، وهم بضع عشرات من الأفراد ، فإن جماهيرهم في مكة وما والاها لم يأتوا ، ولن يستطيعوا أن يأتوا معهم ..
فلما بلغ «صلىاللهعليهوآله» غدير خم ، نزلت الآيات الآمرة له بلزوم إنجاز المهمة التي كلفه الله تعالى بها ، ونزل معها تهديد صريح لأولئك المعاندين : بأن استمرار اللجاج والعناد سوف يعيد الأمور إلى نقطة الصفر (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ..) (١) ، الأمر الذي يعني أنه مستعد للدخول معهم في حرب طاحنة ، كحرب بدر وأحد ، فاضطر هذا الفريق المناوئ ، والطامح ، والطامع ، إلى السكوت.
__________________
(١) الآية ٦٧ من سورة المائدة.