لحقها «عليهاالسلام» من إهانة وظلم ، واعتداء بالضرب ، وإسقاط الجنين ، ليسقط كل الأقنعة ، بل هي قد تلاشت ، واهترأت ، وتمزقت ، وأصبحت أو هى وأكثر حكاية لما وراءها حتى من بيت العنكبوت.
خصوصا مع تصريح القرآن بطهارة هذه السيدة المظلومة المعصومة ، وبوجوب مودتها ، ومع تصريح الرسول «صلىاللهعليهوآله» بأن من آذاها فقد آذى الله ، وهي ابنته الوحيدة ، وسيدة نساء أهل الجنة ..
وقد فعلوا ذلك في ساعة دفنها لأبيها ، وبالتحديد فوق قبره الشريف ، وفي مسجده ثم منعوها من البكاء على أبيها وجرعوها الغصص ، وساموها أشد الأذى.
فأعلنت «عليهاالسلام» غضبها عليهم وهجرتهم إلى أن ماتت ، وأوصت أن تدفن ليلا ، ولم ترض بحضورهم جنازتها.
ولكننا مع ذلك لا بد أن نقول : قد يمكن لهؤلاء أن يعتذروا للناس البسطاء من ذلك أيضا ، فيقولون : لعن الله الشيطان ، فإن موت رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قد أدهش عقولنا ، وحير ألبابنا ، وأصبحنا نخاف من الذل الشامل ، والبلاء النازل. فاندفعنا بحسن نية ، وسلامة طوية لتدبير الأمر ، ولدفع الفتنة ، وللإمساك بالأمور قبل أن ينفرط العقد ، ويضيع الجهد ، فوقعنا في الهفوات ، وارتكبنا الخطيئات ، فها نحن نعترف ونعتذر ، وقد سعينا لاسترضاء الزهراء «عليهاالسلام» ، ورمنا طلب الصفح منها ، ولكنها لم تقبل.
غير أن ما صدر منا لا يعني أننا لا نصلح للمقام الذي اضطلعنا به ، بل نحن أهل له وزيادة ، وقادرون على القيام بأعباء المسؤولية فيه ..