يتصرفوا فيما كان يتصرف فيه ، والذي كان من شؤونه أصبح من شؤونهم ..
واختاروا فدكا لهذا الأمر ؛ لأنها هي الأوضح دلالة ، والأعمق أثرا ، لأنها في يد بنت الرسول الأعظم «صلىاللهعليهوآله» بالذات ، وزوجة الرجل الذي يناوئونه ، ويواجهونه. فإن مرت هذه المبادرة بسلام ، فإن الناس سوف يقولون : إذا كانت سلطة هؤلاء قد طالت عليا «عليهالسلام» نفسه ، وبنت رسول الله «صلىاللهعليهوآله» مباشرة ، فماذا عسى يمكن لغيرهم أن يفعل؟؟
فاستولوا على فدك ، وأخرجوا عمال الزهراء «عليهاالسلام» منها ، بعد سنوات من تملكها والتصرف فيها في حياة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» .. متذرعين بحجج واهية ، لا تسمن ولا تغني من جوع.
ولم تطالبهم الزهراء «عليهاالسلام» بما كان منهم من العدوان عليها وضربها ، وإسقاط جنينها ، لأن غاية ما يمكن أن ينتج عن ذلك هو إزجاؤهم الكلام المعسول ، وإظهار الأسف ، واصطناع حالات من التواضع ، وهضم النفس والإستعطاف ..
ويرى الناس البسطاء : أنهم بذلك قد أدوا قسطهم للعلى .. وسوف يكون المعتدون سعداء لتحويل القضية برمتها إلى قضية شخصية ، تخضع لأمزجة الأفراد ولأخلاقياتهم. وربما لا يخطر على بال الكثير من الناس القضية الأساس التي كانت السبب في اندفاعهم للعدوان ، وقد لا يدور بخلدهم أن هذا لا يكفي ، بل لا بد من معاقبة المجرم ، وأن من يرتكب جرائم كهذه فهو لا يصلح لمقام الإمامة والخلافة ، وأن ذلك يوجب عليهم أن يتخلوا عن المقام الذي اغتصبوه إلى صاحبه الشرعي ، وهو أمير المؤمنين