سمعت أنفرك إلى أهلك.
قال : أحذني يا محمد.
قال : «لك ذو الرقيبة».
قال عيينة : وما ذو الرقيبة؟
قال : «الجبل الذي رأيت في منامك أنك أخذته».
فانصرف عيينة.
فلما رجع إلى أهله جاءه الحارث بن عوف ، وقال : ألم أقل لك : توضع في غير شيء؟؟ فو الله ، ليظهرن محمد على ما بين المشرق والمغرب. يهود كانوا يخبروننا بهذا ، أشهد لسمعت أبا رافع سلام بن مشكم يقول : إنا لنحسد محمدا على النبوة ، حيث خرجت من بني هارون ، وهو نبي مرسل ، ويهود لا تطاوعني على هذا ، ولنا منه ذبحان ، واحد بيثرب ، وآخر بخيابر (١).
ونقول :
١ ـ إنها للوقاحة الظاهرة أن يرفض الفزاريون طلب النبي «صلىاللهعليهوآله» بأن لا يعينوا اليهود عليه ، ثم لما انتصر على اليهود جاؤوا ليطالبوه بما كان قد ذكره لهم ، ورفضوه.
وإن هذا منهم أشبه بالإحتيال المفضوح ، بل هو نوع من الإستخفاف بالآخرين ، والتسلط عليهم ، وكأنهم يظنون : أن النبي «صلىاللهعليهوآله»
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٨ وفي هامشه عن : دلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٢٤٩. والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٧٥ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٥١ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٠١.