يخضع لهذا النوع من الابتزاز الوقح .. ولا يلتفت إلى وجه المغالطة فيه.
وقد رفض «صلىاللهعليهوآله» طلبهم ، فظنوا : أن التهديد بالقتال يضعف عزيمته ، ويشتري السلم معهم بالمال ، ففعلوا ذلك ، وهددوه بالقتال .. فجاءهم الجواب الصاعق الذي أرعبهم.
٢ ـ وأما لماذا هرب الفزاريون حين قال لهم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : موعدكم «جنفا»؟ فإنما هو لأن أهلهم كانوا مقيمين بموضع قرب المدينة اسمه «حيفاء» أو «حفياء» (١) وقد صحفه الناقلون فصار «جنفا».
وحينما كانوا ذاهبين لنصرة اليهود ، سمعوا صائحا لا يدرون ، أمن السماء هو أم من الأرض ، ينادي : «أهلكم ، أهلكم بحيفاء ، فإنكم قد خولفتم إليهم».
فخافوا على أهليهم ، وألقى الله سبحانه الرعب في قلوبهم ، فرجعوا إليهم ، ولم ينصروا حلفاءهم ..
فكأن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» حين ذكّرهم بذلك ، قد أفهمهم أن هذا الأمر مرعي من قبله تعالى ، وأنه لا طاقة لهم بحرب الله ورسوله ..
ولعل قول النبي «صلىاللهعليهوآله» لهم : «موعدكم حيفاء» ، قد أفهمهم بالإضافة إلى ذلك : أنه «صلىاللهعليهوآله» قد قبل بمبدأ القتال ، وعدم الخضوع للابتزاز ، وأنه قد عقد العزم على غزوهم في عقر دارهم ، فليجمعوا ، وليستعدوا ما شاؤوا ..
فلما وجدوا : أن القضية انتهت إلى هذا الحد أرعبهم ذلك ، فخرجوا
__________________
(١) راجع : وفاء الوفاء ج ٢ ص ٢٩٢.