[ق ٢٤٤ أ] قد أخطأ الناس في العدد الذي ما عدوا من مبعثه ولا من وفاته وإنما عدوا من مقدمة إلي المدينة.
وقال ميمون بن رافع : أن جمع عمر بن الخطاب رضى الله عنه وجوه الصحابة فقال : أن الأموال قد كثرت في بيت المال وما قسمنا منها غير مؤقت فكيف التوصل إلي ما نضبط به ذلك فقالوا له : يجب أن تعرف ذلك من رسوم الفرس فعندها أحضر عمر بن الخطاب الهرموران وسأله عن ذلك فقال : وإن لنا حسابا نسميه ماه روز معناه حساب الشهور والأيام وهو التاريخ ، ثم طلبوا الصحابة وقتا يجعلونه أولا لتاريخ الإسلام ، فاتفقوا علي أن تكون المبدأ من سنة الهجرة ، وكانت الهجرة النبوية من مكة إلي المدينة وكان قد تضرم من شهور السنة النحرم وصفر وأيام من ربيع الأول ، فلما عزموا علي تأسيس التاريخ من الهجرة رجعوا ثمانية وستين يوما وجعلوا التاريخ من أول المحرم في تلك السنة ، ثم أحصوا من أول يوم في [ق ٢٤٤ ب] المحرم إلي آخر يوم من عمر رسول الله صلي الله عليه وسلم فكان عشر سنين وشهرين ، وأما إذا حسب عمره من يوم الهجرة حقيقة فيكون قد عاش بعد الهجرة تسع سنين وأحد عشر شهرا واثنين وعشرين يوما ، وكان بين مولده صلي الله عليه وسلم وبين مولد المسيح عليه السلام خمسمائة وثمان وسبعين تنقص شهرين وثمانية أيام ، فأبتدأ تاريخ الهجرة من يوم الخميس أول شهر الله المحرم من ذلك العام ، وكان بينه وبين الطوفان ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمسة وثلاثون سنة وعشرة أشهر وأثنان وعشرين يوما علي ما عرفت من الخلاف في ذلك ، وكان بين الطوفان وبين تاريخ الإسكندر بن فلبس المجدوني الرومي تسعمائة وإحدي وستون سنة وأربعة وخمسون يوما ، فتكون من السنين الشمسية تسعمائة واثنين وثلاثين سنة ومائتين وتسعة وثمانين يوما عنها تسعة أشهر وتسعة عشر يوما ، وكان ذلك وبين تاريخ القبط ثلاثمائة وسبع [ق ٢٤٥ أ] وثلاثون سنة وتسعة وثلاثون يوما ، وزعمت اليهود أن من آدم عليه السلام إلي سنة الهجرة أربعة آلاف واثنتان وأربعون سنة وثلاثة أشهر ، وزعمت النصارى أن بينهما خمسة آلاف وتسعمائة وتسعون سنة وثلاثة أشهر ، وزعمت الفرس أن بينهما أربعة آلاف ومائة وأثنان وثمانون سنة وعشرة وتسعة عشر يوما.
وقد عرفت أن شهور تاريخ الهجرة كلها قمرية وأيام السنة منها عدتها ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما وخمس وسدس يوم ، وجميع الأحكام الشرعية مبنية علي رؤية الهلال عند جميع فرق الإسلام ، ما عدا الشيعة فإن الأحكام مبنية عندهم علي عمل شهور السنة بالحساب ، ثم لما احتاج منجمون الإسلام إلي اتخراج ما لا بد منه من معرفة الأهلة وسمت القبلة ، وغير ذلك