فبنوا أزياحهم علي التاريخ العربي وحجعلوا شهور السنة العربية شهرا كاملا وشهرا ناقصا من السنة كلها وزادوا [٢٤٥ ب] من أجل كبس اليوم الذي هو خمس وسدس يوما في ذي الحجة إذا صار هذا الكسر أكثر من نصف يوم فيكون شهر ذي الحجة في تلك السنة ثلاثين يوما ، ويسمون تلك السنة كبيسة ويصير عددها ثلاثمائة وخمسون يوما ويجتمع في كل كبيس إحدي عشر يوما.
وإما تاريخ الفرس : فإنه يعرف أيضا بتاريخ يزدجرد بن شهريار بن كسري فورخ به الفرس من أجل أن يزدجرد أقام في المملكة بعد ما تبدد ملك فارس واستولي عليه النسائي والمتغلبون وهو آخر ملوك فارس وبقتله تمزق ملكهم ، وكان أول هذا التاريخ يوم الثلاثاء وبينه وبين تاريخ الهجرة تسع سنين وثلاثمائة وثمانية وثلاثون يوما ، وأيام سنة هذا التاريخ تنقص عن السنين الشمسية ربع يوما فيكون في كل مائة وعشرين سنة شهرا واحدا ، ولهم في كبس السنة أشياء يطول شرحها وعمل هذا التاريخ يعتمد في زماننا أهل العراق [ق ٢٤٦ أ] وبلاد العجم ولله عاقبة الأمور من قبل ومن بعد.
قال مؤإلفه ومما يحسن إيراده في ختم هذا الكتاب وهو ما إدركه بأرض مصر من الحوادث الطريفة والأفعال اللطيفة ، وهي منشأة عمارة الأزبكية ونهجتها السنية ، وقد عمرها وأنشأها المقر الأتابكى أزبك من حطخ أتابك العساكر المنصورة أعز الله تعالي أنصاره ، وقد ابتدأ في عمارتها في سنة احد وثمانيم وثمانمائة ولا زالت تتزايد في العمارة إلي سنة تسعين وثمانمائة ، وقد أنشأها مكان سكنه بها الآن ، وهو من أحسن ما عمرت عصرنا وأنشأ بها الجامع والحمامات والطواحين والأفران والحوانيت والربوع وأنشأ بها البركة العظمة التي ليس في القاهرة أكبر مها طولا وعرشا ، وأنشيء عليتلك البركة قصرا ليس له في الحسن نظير ، وقد أنشأ بعض أكابر الدولة علي تلك البركة قصورا لا نهاية بها في الحسن ، وقد صارت [ق ٢٤٦ ب] تلك البركة محفوفة بالأملاك العجيبة والأبنية الغربية وحدد بها القنطرة وأجري إليها ماء النيل من الخليج الناصري ، وقد كان هذا المكان قديما يعرف بخليج الذكر والقنطرة الموجودة الآن وهي قنطرة التكة ولكن عمرت جديدا ، وفي ذلك يقول المعمار شعر :
يا طيب التكة نلت المنا |
|
وفزت منها ببلوغ الوطر |
قنطرة من فوقها تكة |
|
وتحتها تلقي خليج الذكر |