وإن سألت عن حمامات هذه العمارة وما يحصل بها من الحسن والنصارة [ق ٢٥٦ أ] يا لها من حمامات وضع بناؤها البديع علي قوانين الحكمة ، وصارت لنعيم الزجسام والأرواح تعد من النعمة وبيوتها المحكمة المبدعة ، موافقة للفصول الأربعة وهي للأجسام والأرواح بمنزلة المربع والمرتع كمال حكمتها اعتدال الطابع الأربع فإذا عجز الطبيب عن دواء الداء وحار داويجميع العل بما بها الحار لزه بمنزلة المزهم الأكبر للجبار ، يا لها من حمامات يستوقف الأسماع صوت ما با الرحيم ، وتحير في حسن يهجتها النظار إذا أشرقت أقمار رجاماتها بالنهار ، وتهدي حرارتها لوجه من يدخلها نصرة النعيم ويقيم حرارتها المقعد فهي للمقعد نعيم المقيم ، تقيدت بها الأفراح فأقامت بها مدا الدهور وانطلق الماء بها للتطهير فهو المطلق الطهور ، يا له من ماء يشقي به اليرقات والأرق وبه يخرج داء الأجسام مع العرق وإذا دخلتها [ق ٢٥٦ ب] الحرم ذات الحذور ضرب عليها من سرادقات حرمة الأمير ما يعني عن الستور وكم نابت جاهاتها عن زهر الرياض وعشقها حميم الماء حتي بات بها وهو صب في الحياض وما دخلها تايب من السيئات إلا بدل الله سيئاته حسنات ، وقد أتخذت اكليلا مرصعا بالبواقيت ، تعرف الناس باسطرلاته جميع المواقيت فهي باب للتوبة بكشف الروءس ومهذبة الكبر للنفوس تفصم من كبر المتكبر عراة وتذكر الوقوف بين يدي الله والناس حفاة غراة ، فإذا تاب العاصي عند اغتساله بمايها الذي يعمه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، فأنظر إلي ما حوتههذه الحمامات من المعانى الدقائق ، وما لشتملت عليه من الرقايق وفيها يقول المصمف شعر :
يا حبذا اللازبكية معهد |
|
هلت عليه سحاب الأنعام |
كمياه حمامات دارتها التي |
|
شرفت بهن محاسن الأيام |
[ق ٢٥٧ أ] من كل حمام خرير مياهه |
|
ترري بسجيع بلابل وحمام |
تدعوا لداخلها بطول بقائه |
|
وبقرب عافية وبعد حمام |
فإذا تأمل ناظر مرارته |
|
ورأى بها وجها كبدر تمام |
قالت لنضرات النعيم بوجهه |
|
مهلا فإن الفضل للحمام |