تاسعا : قالوا : إن الآية التي نزلت في مناسبة قتل عامر بن الأضبط هي قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً) (١).
وهي تدل على : أن المطلوب هو مجرد التبين ، ولم تتضمن إدانة صريحة للقاتل؟!
بل قد يقال : إنها تدل على براءة ابن جثامة ، وعلى أنه لا يستحق المؤاخذة بهذا المقدار ، ولا بما هو أخف من ذلك.
عاشرا : إن هذه الآية قد ألمحت إلى : أنه لو كان القتل لأجل هدف دنيوي ، فإن الله تعالى خبير بالنوايا ، واقف على حقيقة أعمال العباد ..
والمفروض : أن ابن جثامة لم يعترف بأنه قتل ابن الأضبط لأجل الدنيا ، بل ادّعى : أن الأمر اشتبه عليه ، فلما ذا يدان بأمر كتمه الله تعالى عليه ، ولم يعترف هو به؟! فإذا كانت الحجة على ابن جثامة هي : أنه لم يشق عن قلب ابن الأضبط ، ليعرف إن كان صادقا أو متعوذا ..
فإن له أن يحتج بنفس هذه الحجة أيضا ، فيقول : إنكم لم تشقوا عن قلبي ، لتعرفوا إن كنت قتلته خطأ ، أو قتله لأجل الدنيا.
حادي عشر : قال ابن عبد البر : والإختلاف في المراد من هذه الآية مضطرب فيه جدا.
قيل : نزلت في المقداد (٢).
__________________
(١) الآية ٩٤ من سورة النساء.
(٢) راجع : الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج ٤ ص ٤٦٧ و ٤٩٨ وإمتاع الأسماع ـ