الشيخ المفيد قادرا على أن يجمع مؤلفات السابقين عليه ، في عصر كان يصعب فيه التنقل في البلاد ، ولم يكن هناك وسائل ارتباط ، ولا كانت هناك وسائل لتكثير الكتب ، وتوزيعها .. أو وسائل لكشف مطالبها ومحتوياتها ، سوى القراءة المباشرة والشاملة؟! ..
كما أن الكتّاب والقراء في تلك العصور ، لم يكونوا من الكثرة بحيث يمكن مقايستهم بمن يقرأ ويكتب في عصرنا الحاضر .. بل كان الغالب على الناس هو الأمية ، والجهل ..
أما الحالة المادية للناس فلم تكن تفي بمتطلبات حياتهم ، ولا تلبي حاجاتهم .. فضلا عن أن يتمكنوا من شراء ما يحتاجون إليه من كتب ، والتفرغ لقراءتها ، والإطلاع على ما فيها ، فضلا عن شراء الكتب لأجل التجمل بها ، واقتنائها لمجرد الإقتناء.
إلى غير ذلك من عوامل قد توافرت وتضافرت ، كان من شأنها أن تقلل من فرص الحصول على النصوص التي تفيد في جلاء الحقيقة ، فكيف إذا كانت هذه النصوص مضطهدة من أكثر من فريق .. ومنها السلطة ، وتحاول التخفي في حنايا وثنايا الكتب المهجورة ، أو البعيدة عن الأنظار ، مما تقبع في زوايا الإهمال ، بانتظار الوقت الذي تسوق أحدهم الصدفة إليها ، وينشط أو يجد الوقت للاطلاع عليها ..
وبعد ما تقدم ، نعود إلى إثارة السؤال من جديد ، فنقول :
إلى أي حد كان الشيخ المفيد قادرا على جمع تلك المؤلفات ، ثم تصيد تلك الفرائد الشوارد من الأخبار ، من نوادر تلك الكتب والأسفار؟! ..
ثالثا : إن مما لا شك فيه أن العلماء المتأخرين. قد استطاعوا أن يجمعوا