يكن النبي «صلىاللهعليهوآله» يعرف واجباته ، ولا يميز ما ينبغي له أن يفعله ، مما لا ينبغي؟! فإن كانت هناك حاجة لهذه الوصية ، فسيفعلها النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وإن لم يكن لها حاجة فلا معنى لطلبها منه.
١٤ ـ إن العباس لم يكن يريد من النبي «صلىاللهعليهوآله» أن يخبره بالغيب ، بل هو يريد منه أن يخبره بالحكم والشرع الإلهي. مما يعني : أن الأمر بنظر العباس يدور بين أمرين ، لا ثالث لهما ، فهو إما في بني هاشم ، ولا يحق لغيرهم التصدي له ، أو في غيرهم ، ولا يحق لبني هاشم التصدي له. مع أن أحدا لم يدّع ذلك سوى عمر بن الخطاب .. ومن زعم عمر أنهم من قريش ، وأنهم يوافقونه عليه ، حين قال : لا تجتمع النبوة والخلافة في بيت واحد ، أو نحو ذلك مما ذكرناه في موضع آخر من هذا الكتاب ..
ولكن الفرق هو : أن عمر بن الخطاب لم يدّع أن ذلك من القرارات الشرعية الإلهية ، بل ادّعى أن قريشا لا ترضى بذلك ، ولم ينسبه لا إلى الله ولا إلى رسوله.
ولكن العباس يقول : إن ذلك من القرارات الإلهية.
١٥ ـ بناء على ما تقدم : فإن رواية العباس وعلي «عليهالسلام» تدعونا إلى مطالبة من ينكر استخلاف علي «عليهالسلام» بالنص الذي يعين غير علي «عليهالسلام» للخلافة ، ويصرح بإبطال خلافة بني هاشم من أساسها ..
فإذا سلّم هذا الفريق بضرورة وجود هذا النص ، استنادا إلى تلك الرواية ، انحلت المشكلة ، لأن النصوص التي لا مجال لإحصائها لكثرتها وتنوعها تعيّن خلافة علي «عليهالسلام» وتؤكدها ، وهم أنفسهم لا يدّعون النص على أبي بكر ، بل يثبتون خلافته ببيعة أهل الحل والعقد له ..