المستند إلى الدليل والبرهان ـ حتى لو كان هذا الدليل هو المعجزة ـ في مقام التحدي.
ونيل العلم بالنبوة لا ينحصر بأهل الكتاب ، ولا بعبد الله بن سلام ، بل البشر جميعا يشاركونهم في ذلك ..
ولكن الأمر الذي تحدثت عنه الآية هنا هو شهيدية بالنبوة ، وإشراف على حقائقها ودقائقها ، مستند إلى العلم المأخوذ من الكتاب .. لا إلى العلم من خلال ظهور المعجزات .. مما يعني : أن دلائل هذه النبوة التي يعاينها ذلك العالم بالكتاب كثيرة جدا .. ومتعددة ، فالشهادة بالنبوة بمثابة شهادات بتلك الدلائل التي نالها ذلك العالم بعلمه ..
١٠ ـ كما أن شهيديته لا تكون بمجرد الإعلان بنعم ، أو بلا .. كما هو الحال في أية شهادة على أمر مختلف فيه .. بل هي شهادة فيها إظهار لخفيات مكّن العلم بالكتاب من إظهارها. وذلك بطريقة إعجازية ..
خصوصا : وأن الذين كفروا قد حسموا الأمر ، وأعلنوا رفضهم لنبوته «صلىاللهعليهوآله» ، بصورة جازمة وقالوا : (لَسْتَ مُرْسَلاً) فلم يكن هناك مجال للحوار ، ولا للأخذ والرد معهم ..
فجاء هذا الموقف ليواجه عنادهم هذا ، وليتحدى غطرستهم واستكبارهم ، وليكون بمثابة وعيد لهم بالانتقام ، وبعدم النجاة ، ما دام أن الأمور تعود إلى الله سبحانه ، وسيكون من عنده علم الكتاب هو الآخذ بكظمهم ، والمتولي لأمرهم.
فلا غرو إذا قلنا بعد ذلك كله : إن المقصود بالشهيدية هو مقام الشهادة على الخلق ، التي تختزن معنى الإحاطة والهيمنة ، والإشراف التام على كل الحالات والخصوصيات. والتي قرنت بشاهدية وشهيدية الله سبحانه ..