والأنبياء السابقين لأنهم إنما يملكون بعضا من علوم القرآن ، وعلي «عليهالسلام» ، يعرف كل ما في هذا القرآن.
فالمراد بعلم الكتاب إذن هو ذلك العلم القاهر لهم ، الذي يعطي العالم به السلطة والقدرة على التصرف ، وإراءة الخوارق التي تسقط استكبارهم ، وتعرفهم بمدى ضعفهم ، وبأنهم لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا.
٨ ـ وإذا تحقق ذلك ، فإن ملاحظة أنه تعالى قد عبر بكلمة «شهيد» ثم نسبها لله سبحانه ، وللعالم بالكتاب في سياق واحد تعطينا : أن صيغة المبالغة «شهيدا» قد جاءت للتعبير عن الشهادة التي تكون هي الأشد حضورا ، والأكثر إحاطة وهيمنة وإشرافا ، والأبعد أثرا في التمكين من الإطلاع على دقائق الأحوال وخفاياها ، وعلى كل خصوصياتها وحقائقها ومزاياها. بحيث تكون ـ بملاحظة تعدد المنكشفات ـ ، بمثابة معاينات ومشاهدات متعددة ، ومباشرة حسية لذلك كله ..
فتعددها يوجب تعدد المشاهدات والشهادات ، فيصح المبالغة ـ والتكثير ـ بلحاظ ذلك.
ولذلك قال : «شهيدا».
كما أن نيل حقائقها ووقائعها قد أوصلها إلى درجة المحسوس المشاهد ، حتى لو كانت من الأمور التي لا تنالها الحواس الظاهرية.
فهل لأحد من أهل الكتاب هذه الإحاطة ، وهذا الإشراف ليصح أن يقال عنه : إنه شهيد ، وأن تقرن شهيديته بشهيدية الله تعالى؟!
٩ ـ إن الشهيدية في مورد الآية قد تعلقت بأمر لا تناله الحواس الظاهرة ، بل يعرف بالأدلة العقلية ، وبالبصيرة الهادية ، وبقضاء الفطرة ، والوجدان