٦ ـ إن من الواضح : أن الإكتفاء بشهيدية الله ، ومن عنده علم الكتاب ليس معناه أن الذي عنده علم الكتاب سيكون قادرا ـ بما أوتي من علم ـ على إلزامهم بالحجة ، بعد أن عجز الرسول نفسه «صلىاللهعليهوآله» عن إلزامهم بها. بل المراد أن ذلك العالم بالكتاب سيكون هو حجة الرسول «صلىاللهعليهوآله» ، عليهم.
٧ ـ ليس في الآية أية إشارة إلى أن المقصود بالكتاب فيها ، هو كتاب التوراة أو الإنجيل ، فتطبيق الآية عليهما ما هو إلا تخرص ، ورجم بالغيب ، ومن دون مبرر.
بل قد وجدنا في الروايات الواردة عن المعصومين «عليهمالسلام» ما يشير إلى أن المراد بالكتاب هو ذلك الكتاب الذي يكون للعالم به القدرة على التأثير في عالم التكوين ، والهيمنة على الموجودات ، ففي بعضها ما يدل على أن هذا الكتاب هو نفس الكتاب الذي كان آصف بن برخيا يعلم بعضه ، فتمكن به من الإتيان بعرش بلقيس من اليمن إلى بيت المقدس : (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي) (١).
والمراد بالكتاب : القرآن .. الذي هو تبيان كل شيء ، وقال تعالى : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) (٢) فمن كان عنده حقيقته ، فإنه سيكون متمكنا ومهيمنا على الأشياء بأعظم هيمنة. ويمكّن من ذلك أيضا آصف بن برخيا
__________________
(١) الآية ٤٠ من سورة النمل.
(٢) الآية ٣٨ من سورة الأنعام.