وقد ذكر بعضهم : أنه يمكن أن يكون التعبير بكلمة (بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) للإشارة إلى توسط الشاهد بين الطرفين ، وتساويهما عنده بحيث لا يميل إلى أحدهما على حساب الآخر. وهذا يعطيه الوثاقة والأمانة والعدالة في الشهادة ، إلى حد أن تصبح شهادته هي الفيصل في الأمر ، فيكون شاهدا حاكما ، قاطعا للنزاع.
والتعبير بكلمة شهيدا للإلماح إلى شدة اطلاعه وحضوره ، الأمر الذي يحتم إطاعته والقبول منه.
ونقول :
إننا نتفق مع هذا الأخ الكريم ، على أن المراد بالشهيدية هو الحضور المباشر والقوي من حيث شدة انتباهه لما يجري على صفحة الواقع ، وتدقيقه فيه .. ولكننا لا نوافقه على أن المراد بالآية الشهادة بين متخاصمين على حد الشهادات الأخرى. بل هو شهيدية ، وحضور حاكم ، وفاصل للأمر ، من دون أن يكون هناك شهادة.
لأن معرفة الصدق ، خصوصا في أمر يتعذر فيه الإطلاع إلى درجة الحضور ، كمجيء جبرئيل «عليهالسلام» للرسول «صلىاللهعليهوآله» ، أمر غير ميسور للبشر العاديين وذلك معناه أن هذا الشهيد يملك وسائل عالية جدا ، تمكنه من الحضور المباشر حتى في مثل هذه الأمور الخفية جدا ، وذلك لا يتناسب إلا مع ما هو أرقى من هذا الذي نعيشه ونألفه .. وهو شهيدية الإمام ، والإمامة التي ستظهر آثارها في يوم القيامة ..
وهذا يؤيد ويؤكد المعنى الذي نسوق الكلام إليه .. وهو أنها شهيدية بمعنى الحضور ، لا بمعنى أداء الشهادة.