حتى أن يجد الملاذ والمأوى ، فافترش الأرض ، والتحف السماء.
ولعل أقسى ما يؤلمهم هو شماتة الأعداء بهم ، بالإضافة إلى ما يعانونه من شظف العيش ، وفقدان أدنى مقومات الحياة ، فلا وطاء ، ولا غطاء ، ولا طعام ولا ماء ، ولا حتى دواء ، فضلا عما سوى ذلك ..
على أن هناك ثلة من أهلنا من أصحاب النفوس الأبية ، والأرواح القدسية ، قد بقيت متشبثة بأرضها وبيوتها ، تؤثر الموت فيما تهدّم منها ، على الهجرة عنها ، رغم أنها تعيش في أقسى ظروف يمكن أن يواجهها البشر ، حيث يقتلون على أيدي اليهود أحفاد قتلة الأنبياء ، وأعداء الصلحاء ، وإخوان القردة والخنازير ، ومردة الشياطين ، فكانت تحوم فوق رؤوسهم الطائرات ، المحملة بقنابل الحقد ، المشحونة بآلة الدمار ..
فلا تكاد تفارقهم لحظة واحدة ، وكل همها هو أن تتخير منهم من تشاء من أهل العفاف والتقوى ، ليكونوا أهدافا لها ، ترميهم بسهام الحقد في أية لحظة تشاء.
هذا ، بالإضافة إلى المدمرات والزوارق الحربية التي تتربص بهم ، والمدافع الثقيلة والدبابات التي تصب حممها فوق رؤوسهم ، مع احتمال أن يجتاحهم عدوهم بجنوده في كل ساعة ، وأية لحظة .. ليتفنن بالفتك بهم ..
هذا عدا عن أن الكثيرين منهم قد لا يجدون ما يدفعون به سورة الجوع والعطش عن أنفسهم .. فهم يأكلون الجشب ، ويشربون الكدر .. فيا لها من مصيبة ما أعظمها ، ومن جرح ما أشد ألمه ..
٢ ـ على أن كل هذا الحزن والأسى قد جاء متمازجا بشعور الكرامة والعزة والإباء ، ما دام أن تلك الوحوش الكاسرة إنما فتكت بهؤلاء الآمنين