كل ركعة من الفرائض ركعتان من النافلة. وفي بعض الأخبار المتقدمة أيضا التعليل بقيامها مقام وتر آخر الليل لو مات قبل ان يدركه وانه يموت على وتر (١) غاية الأمر ان الشارع جعل محلها بعد صلاة العشاء التي هي ختام الصلاة في ذلك اليوم ، ويشير الى ما ذكرنا حسنة الحلبي (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) هل قبل العشاء الآخرة أو بعدها شيء؟ قال لا غير اني أصلي بعدها ركعتين ولست أحسبهما من صلاة الليل». والتقريب فيها هو ان الظاهر ان مراد السائل المذكور السؤال عن انه هل صلاة العشاء من قبيل الصلوات السابقة عليها في ان لها نوافل مرتبة تصلى قبلها أو بعدها؟ فقال (عليهالسلام) لا غير اني أصلي بعدها هاتين الركعتين لا من حيث التوظيف بل من حيث ان الشارع جعل محلها في هذا الموضع لتكون ختاما لصلاة ذلك اليوم ولينام على وتر كما يستفاد من الأخبار الآخر ، ولهذا ان الشيخ في النهاية ونحوه الشيخ المفيد في المقنعة صرحا باستحباب ان تجعل خاتمة النوافل التي يريد ان يصليها تلك الليلة ، ويؤيده ما تقدم في الفائدة السادسة عشرة من المقدمة الثانية من مقدمات هذا الكتاب (٣) من قوله (عليهالسلام) في صحيحة زرارة أو حسنته «وليكن آخر صلاتك وتر ليلتك». والمراد بالوتر هنا الوتيرة كما تقدم بيانه في الفائدة المشار إليها وهو ظاهر فيما ذكره الشيخان ومن تبعهما من الأصحاب من استحباب جعلها خاتمة نوافل تلك الليلة ، وقوله في المدارك ـ انه لا يدل على المدعى ـ الظاهر ان منشأه حمل لفظ الوتر في الرواية على غير الوتيرة وهو توهم قد وقع فيه غيره ايضا كما تقدم بيانه في الموضع المشار اليه. والله العالم.
(المسألة الثالثة) ـ قد صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بان وقت صلاة الليل بعد انتصافه وانه كلما قرب من الفجر فهو أفضل ، قال في المعتبر وعليه علماؤنا اجمع وفي المنتهى ذهب إليه علماؤنا أجمع.
أقول : اما ما يدل على الحكم الأول فالأخبار المستفيضة ، ومنها ـ صحيحة فضيل
__________________
(١) ص ٤٦.
(٢) الوسائل الباب ٢٧ من أعداد الفرائض.
(٣) ص ٧٢.