المتقدمان في المسألة من العمل على الظن. والله العالم.
(الموضع الثاني) ـ فيما لو لم يكن له طريق الى العلم لغيم ونحوه فهل يجب الصبر عليه حتى يتيقن الوقت أو يجوز له الاجتهاد والبناء على الظن؟ المشهور الثاني ، ونقل عن ابن الجنيد انه قال ليس للشاك يوم الغيم ولا غيره ان يصلي إلا عند تيقنه الوقت وصلاته في آخر الوقت مع اليقين خير من صلاته مع الشك.
والى هذا القول مال في المدارك ، قال (قدسسره) بعد ذكر القول المشهور ثم مذهب ابن الجنيد : احتج الأولون برواية سماعة (١) قال : «سألته عن الصلاة بالليل والنهار إذا لم ير الشمس ولا القمر ولا النجوم؟ قال اجتهد رأيك وتعمد القبلة جهدك». قيل وهذا يشمل الاجتهاد في الوقت والقبلة. ويمكن ان يستدل له ايضا بما رواه أبو الصباح الكناني (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن رجل صام ثم ظن ان الشمس قد غابت وفي السماء علة فأفطر ثم ان السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب؟ فقال قد تم صومه ولا يقضيه». وإذا جاز التعويل على الظن في الإفطار جاز في الصلاة إذ لا قائل بالفرق. وصحيحة زرارة (٣) قال : «قال أبو جعفر (عليهالسلام) وقت المغرب إذا غاب القرص فإن رأيته بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك وتكف عن الطعام ان كنت أصبت منه شيئا». وتقريب الاستدلال ما تقدم. ويمكن المناقشة في الروايتين الأوليين بضعف السند وفي الثالثة بقصور الدلالة لاحتمال ان يراد بمضي الصوم فساده. وبالجملة فالمسألة محل تردد وقول ابن الجنيد لا يخلو من قوة. انتهى.
أقول : لا يخفى ان ما ذكره من الاستدلال برواية سماعة مبني على حمل الاجتهاد على الوقت والظاهر بعده بل المراد انما هو الاجتهاد في القبلة فيكون العطف تفسيريا فلا تكون الرواية المذكورة من المسألة في شيء. واما رواية الكناني وصحيحة زرارة
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٦ من أبواب القبلة.
(٢ و ٣) الوسائل الباب ٥١ من ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك.