بالثاني وعلله بان لها سببا ، وبما روى (١) «ان رسول الله (صلىاللهعليهوآله) صلى الصبح فلما انصرف رأي رجلين في زاوية المسجد فقال لم لم تصليا معنا؟ فقالا كنا قد صلينا في رحالنا. فقال إذا جئتما فصليا معنا وان كنتما قد صليتما في رحالكما لكنها لكما سبحة». انتهى.
أقول : اما ما علل به اختياره لعدم الكراهة من ان هذه النافلة ذات سبب فلا اعرف له وجها إذ الصلاة فرادى ليست علة لاستحباب الإعادة جماعة ولا تعلق لها بها ولا ربط بينهما بالكلية وانما العلة هو أمر الشارع بذلك في هذا المقام. الا ترى ان صلاة الزيارة لما كانت العلة فيها الزيارة بمعنى ان الشارع جعلها لأجلها وناطها بها وكذلك صلاة تحية المسجد ونحو ذلك صارت من ذلك ذات سبب. واما الخبر الذي أورده فالظاهر انه عامي حيث لم أقف عليه في كتب أخبارنا. وبالجملة فالظاهر بناء على القول بكراهة النافلة المبتدأة بعد هاتين الصلاتين هو كراهة هذه الصلاة ، وتخصيص اخبارها الدالة على مشروعيتها واستحبابها مطلقا بهذه الاخبار ممنوع.
(العاشر) ـ قال في الذكرى : لو عرض السبب في هذه الأوقات كأن أراد الإحرام أو دخل المسجد أو زار مشهدا لم تكره الصلاة لصيرورتها ذات سبب ولأن شرعية هذه الأمور عامة. ولو تطهر في هذه الأوقات جاز ان يصلي ركعتين ولا يكون ابتداء للحث على الصلاة عقيب الطهارة ، ولأن النبي (صلىاللهعليهوآله) روى انه قال لبلال (٢) : «حدثني بأرحى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة قال ما عملت عملا أرجى عندي من انني لم أتطهّر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي ان أصلي». وأقرّه النبي (صلىاللهعليهوآله) على ذلك. انتهى.
__________________
(١) سنن الترمذي على هامش شرحه لابن العربي ج ٢ ص ١٨.
(٢) كنز العمال ج ٢ ص ١٦٧.