لاشتغاله بشيء من العبادات وقال المحقق في المعتبر ـ بعد ان ذكر ان فيه روايتين إحداهما يتم النافلة مزاحما بها الفريضة والأخرى يبدأ بالفجر ـ ان اختلاف الفتوى دليل التخيير ، يعني بين فعلها بعد الفجر قبل الفرض وبعده. واستحسنه جملة ممن تأخر عنه : منهم ـ السيد السند في المدارك والفاضل الخراساني في الذخيرة.
والأظهر عندي حمل النهي في صحيحة إسماعيل بن جابر على اتخاذ ذلك عادة وجعله جائزا في جملة الأوقات فإنه ليس كذلك لما سيأتي ان شاء الله تعالى من الأخبار الدالة على تحريم النافلة في وقت الفريضة ، ولما سيأتي ايضا ان شاء الله تعالى من النهي عن صلاة ركعتي الفجر بعد طلوع الفجر ووجوب تقديم الفريضة. واما الأخبار الأخيرة فهي محمولة على الرخصة لو اتفق له ذلك في بعض الأوقات ولهذا قد صرحت بأنه لا يجعل ذلك عادة ولا يتعمد ذلك في كل ليلة ، والرخص في مقام التحريم كثيرة وهذا منها.
والعجب ان صاحب المعتبر بعد ان استدل على تقديم النافلة على الفريضة في المسألة بصحيحة عمر بن يزيد الثانية استدل على تقديم الفريضة على النافلة بصحيحته الاولى وكأنه حمل قوله «صلها بعد الفجر» يعني بعد صلاة الفجر. وهو سهو ظاهر ، بل الظاهر ان الرواية انما هي من قبيل روايته الثانية والمراد بالفجر فيها انما هو أول الصبح وانه يصلي النافلة أولا وان أخر الغداة إلى آخر وقتها كما ينادي به الخبر ، ويعضده قوله «ولا تعمد ذلك في كل ليلة» كما وقع مثله في روايته الثانية وصحيحة سليمان بن خالد. وأعجب من ذلك انه حكم في هذه المسألة أعني لو طلع الفجر ولم يتلبس بشيء من النافلة بالتخيير بين تقديم الفريضة والإتيان بالنافلة وفيما لو تلبس بما دون الأربع بوجوب البدأة بالفريضة كما تقدم نقله عنه.
(الرابع) ـ المفهوم من الأخبار ـ وبه صرح جملة من الأصحاب ـ ان أفضل أوقات الوتر ما بين الفجر الأول الى الثاني :
روى الشيخ في الصحيح عن إسماعيل بن سعد الأشعري (١) قال : «سألت
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٥٤ من أبواب المواقيت.