«الفجر هو الخيط الأبيض المعترض فلا تصل في سفر ولا حضر حتى تتبينه فان الله سبحانه لم يجعل خلقه في شبهة من هذا فقال : وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ» (١). ـ فان ظاهر سياق الخبر انه مع الاشتباه وعدم تبين الفجر الصادق من الكاذب لا يجوز له الصلاة حتى يتبين ذلك ، إلا ان تبينه كما يكون برؤيته بنفسه كذلك يكون بسماع الأذان كما ينادي به قوله (صلىاللهعليهوآله) في مرسلة الفقيه «فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان بلال» (٢). وهو ظاهر إطلاق باقي الاخبار ، وحاصل المعنى هو الرخصة في الأكل والشرب حتى يتبين الفجر بأحد الأمرين المذكورين.
وقال في المدارك ـ بعد اعتراضه على كلام المعتبر المتقدم بما قدمنا نقله عن الشهيد ـ ما صورته : نعم لو فرض افادته العلم بدخول الوقت كما قد يتفق كثيرا في أذان الثقة الضابط الذي يعلم منه الاستظهار في الوقت إذا لم يكن هناك مانع من العلم جاز التعويل عليه قطعا ويدل عليه صحيحة ذريح ، ثم أورد الصحيحة المذكورة وعقبها برواية محمد ابن خالد القسري.
أقول : لا يخفى ما فيه على الفطن النبيه (أما أولا) فإن ما ذكره من إفادة أذان الثقة الضابط للعلم ينافي ما ذكروه في الأصول بالنسبة إلى الأخبار المروية عن الأئمة الأطهار (عليهمالسلام) بنقل الثقات العدول المجمع على فضلهم وورعهم وعدالتهم من ان غاية ما تفيده رواياتهم هو الظن دون العلم ، وهذه احدى المعارك العظام بين الأصوليين والأخباريين كما حقق في محله.
و (اما ثانيا) فان ما زعمه من دلالة الخبرين المذكورين على افادة العلم لا اعرف له وجها ، نعم يستفاد من الأول حصول الظن الراجح بأذانهم.
وبالجملة فالظاهر عندي من الاخبار الواردة في المقام هو ما ذهب اليه الشيخان
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ١٨٣.
(٢) ص ٢٩٧.