اللهم الا ان يقال ان هذه الإطلاقات إنما خرجت بناء على اتساع جهة القبلة كما سيظهر ان شاء الله تعالى. واحتمل بعض الأصحاب حمل المسجد على الكعبة التي هي أشرف اجزائه. واحتمل بعض آخر خروج هذه الاخبار مخرج المسامحة في التأدية من حيث كون الكعبة قبلة عند جمهور العامة (١) قال فلعله (عليهالسلام) سامح في التأدية لئلا يخالف ظاهر الكلام مذهب جمهور العامة فإنه أقرب الى الاحتياط والتقية. والظاهر ـ كما ذكره بعض محققي متأخري المتأخرين ـ ان الآية لا دلالة لها على شيء من القولين المذكورين.
والذي يدل على ما ذهب اليه الشيخان وأتباعهما جملة من الاخبار :
منها ـ ما رواه الشيخ عن عبد الله بن محمد الحجال عن بعض رجاله عن ابي عبد الله (عليهالسلام) والصدوق في الفقيه مرسلا عن ابي عبد الله (عليهالسلام) (٢) «ان الله تعالى جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد وجعل المسجد قبلة لأهل الحرم وجعل الحرم قبلة لأهل الدنيا». ورواه الصدوق في كتاب العلل عن أبيه عن محمد بن يحيى عن محمد بن احمد بن يحيى عن الحسن بن الحسين عن الحجال. الى آخره (٣).
وعن بشر بن جعفر الجعفي أبي الوليد (٤) قال : «سمعت جعفر بن محمد (عليهماالسلام) يقول البيت قبلة لأهل المسجد والمسجد قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة للناس جميعا». ورواه الصدوق أيضا في كتاب العلل بالسند المتقدم.
وما رواه الصدوق في كتاب العلل عن محمد بن الحسين عن الصفار عن العباس ابن معروف عن علي بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن إبراهيم بن ابي البلاد عن ابي غرة (٥) قال : «قال أبو عبد الله (عليهالسلام) البيت قبلة المسجد والمسجد قبلة مكة ومكة قبلة الحرم والحرم قبلة الدنيا».
__________________
(١) المغني ج ١ ص ٤٣٩.
(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ٣ من القبلة.