«والرواية الأولى معتبرة الإسناد ، بل الظاهر أنها لا تقصر عن مرتبة الصحيح كما بيناه مرارا ، وأما الرواية الثانية فقاصرة من حيث السند ، لأن راويها غير موثق ، لكن ربما كان في رواية البزنطي عنه إشعار بمدحه ، لأنه ممن نقل الكشي إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنه والإقرار له بالفقه. ـ ثم قال ـ : احتج ابن إدريس بأن الله تعالى نقلنا إلى الصوم مع عدم الوجدان ، والنقل إلى الثمن يحتاج إلى دليل شرعي ، وأجاب عنه في المنتهى بالمنع من عدم الوجدان ، قال : ومع ذلك فالدليل الشرعي ما بيناه من الحديثين ، فان زعم أنه لا يعمل بأخبار الآحاد فهو غلط ، إذ أكثر المسائل الشرعية مستفادة منها ، ولا يخفى ما في هذا الجواب من التعسف ، والحق أن كلام ابن إدريس جيد على أصله. بل لو لا ما ذكرناه من قوة اسناد الروايتين لتعين المصير اليه» انتهى.
أقول : فيه (أولا) أن ما ذكره من أن الرواية الأولى معتبرة الإسناد ـ يعني باعتبار إبراهيم بن هاشم ـ وإن كان كذلك ، بل حديثه عندنا معدود في الصحيح بناء على الاصطلاح الغير الصحيح ، إلا أنه قد طعن فيه في غير موضع مما تقدم ، وقد بينا في شرحنا على الكتاب وفي هذا الكتاب أيضا أن هذا أحد المواضع التي حصل له فيها الاضطراب.
و (ثانيا) ما ذكره بالنسبة إلى الرواية الثانية من الاعتماد عليها ـ مع كون راويها غير موثق ـ بناء على رواية البزنطي عنه ، لأنه ممن نقل في حقه الإجماع المذكور فان اللازم من هذا الاعتماد على كل خبر ضعيف باصطلاحه إذا كان الراوي عن ذلك الرجل أحد الجماعة المذكورين وهو لا يقول به في غير هذا الموضع كما لا يخفى على من تصفح كتابه.