المصنف لا تخلو ظاهرا من التدافع ، حيث ذكر أولا أنه لا يخرج عن ملك سائقه وأن له إبداله والتصرف فيه ، ثم قال : لكن متى ساقه فلا بد من نحره ، فإنه يقتضي عدم جواز الأبدال والتصرف فيه بعد السياق ، وتبعه على هذه العبارة العلامة في أكثر كتبه ، وعبارة الأولين خالية عن ذلك» ثم إنه ارتكب تأويل العبارة المذكورة وتطبيقها على ما ذكره أولا بما لا يخلو من تكلف وتعسف.
ويظهر من السيد السند في المدارك الانتصار للفاضلين المذكورين وتصحيح كلاميهما ، حيث قال بعد نقل عبارة المصنف المتقدمة : «هذا الحكم ذكره المصنف والعلامة (رضى الله عنهما) في جملة من كتبه ، ومقتضاه أن هدي القران لا يخرج عن ملك سائقه ، وله إبداله والتصرف فيه قبل الاشعار وبعده ما لم ينضم إليه السياق ، فان انضم إليه السياق وجب نحره ، ويلزم منه عدم جواز التصرف فيه والحال هذه بما ينافي النحر» ثم نقل عن الشيخ وابن إدريس والشهيد ومن تأخر عنه أن مجرد الإشعار يقتضي وجوب نحر الهدي وعدم جواز التصرف فيه بما ينافي ذلك وإن لم ينضم إليه السياق.
أقول : إن مبنى الاعتراض على كلام الفاضلين المذكورين هو أن المعروف من معنى سياق الهدي شرعا ليس إلا عقد الإحرام به بالإشعار أو التقليد فمتى عقد إحرامه بإشعار الهدي أو تقليده سمي سائقا ، ولا يتوقف ذلك على سياقه معه في الطريق إلى أن يصل ، وإن لزم ذلك فان المتبادر من الأخبار (١) الدالة على أن سائق الهدي لا يجوز له الإحلال حتى يبلغ
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب أقسام الحج ـ الحديث ٤ و ٢٥ و ٢٧ والباب ـ ٥ منها ـ الحديث ١١.