والإجماع المنقول على انتفاء الوجوب بمثل هاتين الروايتين مع إمكان حملهما على ما يحصل به الموافقة» انتهى.
أقول : لا يخفى ما في هذا الكلام من إمكان تطرق المناقشة إليه أما (أولا) فلأن المتبادر من لفظ الوجوب عندهم إنما هو المعنى المتعارف عند الفقهاء ، كما صرحوا به في الأصول ، وارتكاب التأويل فيه يحتاج إلى معارض أقوى ، سيما مع تأكد الوجوب بقوله (عليهالسلام) في صحيحة عبد الله بن سنان : «أما لنفسه فلا يدعه» وقوله (عليهالسلام) في رواية العلاء : «فأما أنت فلا تدعه».
وأما ما تمسك به من قوله (عليهالسلام) في صحيحة محمد بن مسلم : «وهي سنة» فمن المحتمل أن يراد بالسنة ما ثبت وجوبه بالسنة ، فإن استعمال هذا اللفظ بهذا المعنى أكثر كثير في الأخبار ، وهذا هو الأوفق بنظم الرواية وسياقها ، حيث أنه صرح في صدرها بالوجوب الذي قد عرفت أن المتبادر منه هو المعنى المتعارف عندهم ، فيجب حمل آخر الرواية على ما قلناه ليطابق صدرها ، مع تأيد ذلك بالروايات الباقية كما ذكرناه.
وربما ظهر من الصدوق باعتبار روايته لهاتين الروايتين الدالتين على الوجوب هو كون مذهبه ذلك ، لأن مذاهبه التي ينقلونها عنه في الكتاب إنما هو باعتبار ما يرويه من الأخبار بالتقريب الذي قدمه في صدر كتابه.
وبذلك يظهر ما في استدلاله بالأصل ، فإنه لا اعتماد عليه بعد قيام الدليل الموجب للخروج عنه ، فلم يبق إلا ما يدعيه من الإجماع هنا وإن خالفه ورده في غير مقام من شرحه إذا قام له الدليل على خلافه.
هذا والتحقيق عندي أن لفظة الوجوب والسنة من الألفاظ المتشابهة في