بإذن الله فلا تجزعي ، ثم أخذ إدريس بعضدي الصبى ثم قال : أيتها الروح الخارجة عن بدن هذا الغلام بأمر الله ارجعي الى بدنه بإذن الله وأنا إدريس النبي ، فرجعت روح الغلام اليه بإذن الله ، فلما سمعت امه كلام إدريس وقوله : أنا إدريس ، ونظرت الى ابنها قد عاش بعد الموت ، قالت : اشهد انك إدريس النبي وخرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية : أبشروا بالفرج قد دخل إدريس في قريتكم ، ومضى إدريس حتى جلس على موضع مدينة الجبار الاول فوجدها وهي تل ، فاجتمع اليه أناس من أهل قريته فقالوا له : يا إدريس أما رحمتنا في هذه العشرين سنة التي جهدنا فيها ومسنا الجوع والجهد فيها؟ فادع الله ان يمطر السماء علينا. قال : لا ، حتى يأتيني جباركم هذا وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة فيسألوني ذلك ، فبلغ الجبار قوله ، فبعث اليه أربعين رجلا يأتوه بإدريس فأتوه فقالوا له : ان الجبار بعثنا إليك لنذهب بك اليه فدعا عليهم فماتوا ، فبلغ ذلك الجبار فبعث اليه خمسمائة رجل ليأتوه به فأتوه فقالوا له : يا إدريس ان الجبار بعثنا إليك لنذهب بك اليه ، فقال لهم إدريس : انظروا الى مصارع أصحابكم فقالوا له : يا إدريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد أن تدعو علينا بالموت؟ أما لك رحمة؟ فقال : ما أنا بذاهب اليه وما انا بسائل الله أن يمطر السماء عليكم حتى يأتيني جباركم ماشيا حافيا وأهل قريتكم ، فانطلقوا الى الجبار فأخبروه بقول إدريس وسألوه أن يمضى معهم وجميع أهل قريتهم الى إدريس مشاة حفاة ، فأتوه حتى وقفوا بين يديه خاضعين له طالبين اليه أن يسأل الله عزوجل أن يمطر السماء عليهم ، فقال لهم إدريس : اما الآن فنعم فسأل الله عزوجل إدريس عند ذلك ان يمطر السماء عليهم وعلى قريتهم ونواحيها ، فأظلتهم سحابة من السماء وأرعدت وأبرقت وهطلت عليهم من ساعتهم (١) حتى ظنوا انه الغرق ، فما رجعوا الى منازلهم حتى أهمتهم أنفسهم من الماء (٢)
__________________
(١) هطل المطر : نزل متتابعا متفرقا عظيم القطر.
(٢) قال في البحار : اى خوف أنفسهم أوقعهم في الهموم ، أو لم يهتمهم الأهم أنفسهم وطلب خلاصها. ثم اعلم ان الظاهر ان أمره تعالى إدريس عليهالسلام بالدعاء لهم لم يكن على سبيل الحتم