فهذا معنى قوله جل ذكره : (مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ) يعنى في الأنثيين ثم في الرحم (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) وهذه استحالة من أمر الى أمر ، فحد النطفة إذا وقعت في الرحم أربعين يوما ثم تصير علقة ، وزعمت المعتزلة انا نخلق أفعالنا واحتجوا بقوله عزوجل : أحسن الخالقين وزعموا ان هاهنا خالقين غير الله عزوجل ، ومعنى الخلق هاهنا التقدير مثل ذلك قول الله عزوجل لعيسى عليهالسلام (١) ليس ذلك كما ذهبت اليه المعتزلة انهم خالقون لأفعالهم وقوله عزوجل : (خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ) الى قوله عزوجل : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) فهي ستة أجزاء وستة استحالات ، وفي كل جزء واستحالة دية محدودة : ففي النطفة عشرون دينارا ، وفي العلقة أربعون دينارا ، وفي المضغة ستون دينارا ، وفي العظم ثمانون دينارا ، وإذا كسي لحما فمائة دينار حتى يستهل (٢) فاذا استهل فالدية كاملة.
فحدثني أبي بذلك عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام قال ، قلت : يا ابن رسول الله فان خرج في النطفة قطرة دم؟ قال : في القطرة عشر النطفة ، ففيها اثنان وعشرون دينارا ، قلت : فقطرتان؟ قال : أربعة وعشرون دينارا ، قلت : فثلاث ، قال : ستة وعشرون دينارا ، قلت : فأربعة؟ قال ثمانية وعشرون دينارا ، قلت : فخمس؟ قال : ثلاثون دينارا ، وما زاد على النصف فهو على هذا الحساب حتى تصير علقة ، فيكون فيها أربعون دينارا ، قلت : فان خرجت متخضخضة بالدم؟ (٣) قال
__________________
(١) اشارة الى قوله تعالى : (وإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي) سورة المائدة ، الاية (١١٠)
(٢) استهل الصبى : رفع صوته بالبكاء عند الولادة ، وكذا كل متكلم رفع صوته أو خفضه فقد أهل واستهل.
(٣) خضخض الماء ونحو : حركه. وفي رواية الكليني (ره) في الكافي «متحصحصة»