ثم قال : وأي شيء غير هذا؟ قلت معاذ بن هشام عن أشعث عن الحسن ، قال : هذا سرقته مني ـ وصدق ـ كان ذاكرني به رجل ببغداد فحفظته عنه.
أخبرنا أبو سعد الماليني ـ قراءة ـ حدّثنا عبد الله بن عديّ الحافظ قال : سمعت محمّد بن إبراهيم المقرئ يقول : سمعت فضلك الصائغ يقول (٢) : دخلت المدينة فصرت إلى باب أبي مصعب ، فخرج إليّ شيخ مخضوب ، وكنت أنا ناعسا فحركني فقال : يا مردريك(٣) من أين أنت؟ لأي شيء تنام؟ فقلت : أصلحك الله من الري ، من بعض شاكردي أبي زرعة ، فقال : تركت أبا زرعة وجئتني؟! لقيت مالك بن أنس وغيره ، فما رأت عيناي مثله، وقال أيضا : سمعت فضلك الصائغ يقول : دخلت على الرّبيع بمصر فقال لي : من أين أنت؟ قلت : من أهل الري ـ أصلحك الله ـ من بعض شاكردي أبو زرعة فقال : تركت أبا زرعة وجئتني؟! إن أبا زرعة آية ، وإن الله إذا جعل إنسانا آية أبّان من شكله حتى لا يكون له ثان.
حدّثنا أبو طالب الدسكري ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر القزوينيّ ـ قاضي الرملة بمصر ـ قال : سمعت يونس بن عبد الأعلى سنة تسع وخمسين ومائتين يقول ـ وذكر أبا زرعة الرّازيّ ـ فقال : أبو زرعة آية ، وإذا أراد الله أن يجعل عبدا من عباده آية جعله.
أخبرني أبو زرعة الرّازيّ ـ إجازة ـ أخبرنا علي بن محمّد بن عمر ، حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم قال : حضر عند أبي زرعة محمّد بن مسلم ، والفضل بن العبّاس المعروف بالصائغ ، فجرى بينهم مذاكرة ، فذكر محمّد بن مسلم حديثا فأنكر فضل الصائغ. فقال : يا أبا عبد الله ليس هكذا هو. فقال : كيف هو؟ فذكر رواية أخرى ، فقال محمّد بن مسلم : بل الصحيح ما قلت ، والخطأ ما قلت ، قال فضلك : فأبو زرعة الحاكم بيننا ، فقال محمّد بن مسلم لأبي زرعة : أيش تقول أينا المخطئ؟ فسكت أبو زرعة ولم يجب ، فقال محمّد بن مسلم : مالك سكت تكلم فجعل أبو زرعة يتغافل فألح عليه محمّد بن مسلم ، وقال : لا أعرف لسكوتك معنى ، إن كنت أنا المخطئ فأخبر ، وإن كان هو المخطئفأخبر ، فقال : هاتوا أبو القاسم ابن أخي ، فدعى به ، فقال : اذهب فادخل بيت الكتب ، فدع القمطر الأول ، والقمطر الثاني ، والقمطر
__________________
(٢) انظر الخبر في تهذيب الكمال ٣٦٦٠.
(٣) مردريك وشاكردي : مرد : الشاب أو الفتى. وشاكردي : تلميذ.