منحرف ، وإن عطاءك لزين ، وما مسألتك بنقص ولا شين. فتمثل المنصور بقول الأعشى :
فجربوه فما زادت تجاربهم |
|
أبا قدامة إلا المجد والقنعا |
ثم قال : يا غلام أعطه ألف دينار.
أخبرنا التنوخي ، أخبرنا محمّد بن عبد الرحيم المازني ، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثنا ابن أبي سعد ، حدّثني أبو زيد ، حدّثني أيّوب بن عمرو بن أبي عمرو ـ أبو سلمة العقاري ـ حدّثني قطن بن معاوية الغلابي قال : كنت ممن سارع إلى إبراهيم واجتهد معه ، فلما قتل طلبني أبو جعفر واستخفيت ، فقبض أموالي ودوري ، ولحقت بالبادية فجاورت في بني نصر بن معاوية ، ثم في بني كلاب ، ثم في بني فزارة ، ثم في بني سليم ، ثم تنقلت في بلاد قيس أجاورهم حتى ضقت ذرعا بالاستخفاء ، فأزمعت على القدوم على أبي جعفر والاعتراف له ، فقدمت البصرة فنزلت في طرف منها ، ثم أرسلت إلى أبي عمرو بن العلاء ـ وكان لي ودّا ـ فشاورته في الذي أزمعت عليه ، ففيّل رأيي ، وقال : والله إذا ليقتلنك ، وإنك لتعين على نفسك ، فلم ألتفت إليه ، وشخصت حتى قدمت بغداد وقد بنى أبو جعفر مدينته ونزلها ، وليس من الناس أحد يركب فيها ما خلا المهديّ ، فنزلت الخان ثم قلت لغلماني : أنا ذاهب إلى أمير المؤمنين ، فأمهلوا ثلاثا ، فإن جئتكم وإلا فانصرفوا ، ومضيت حتى دخلت المدينة ، فجئت دار الرّبيع والناس ينتظرونه ، وهو يومئذ داخل المدينة في الشارعة على قصر الذهب ، فلم ألبث أن خرج يمشي ، فقام إليه الناس وقمت معهم ، فسلمت عليه فرد عليّ وقال : من أنت؟ قلت : قطن بن معاوية ، قال : انظر ما تقول!! قلت : أنا هو ، فأقبل على مسودة معه فقال احتفظوا بهذا ، قال : فلما حرست لحقتني ندامة وتذكرت رأي أبي عمرو فتأسفت عليه ، ودخل الرّبيع فلم يطل حتى خرج بخصى ، فأخذ بيدي فأدخلني قصر الذهب ، ثم أتى بيتا حصينا فأدخلني فيه ، ثم أغلق بابه وانطلق ، فاشتدت ندامتي وأيقنت بالبلاء ، وخلوت بنفسي ألومها ، فلما كانت الظهر أتاني الخصى بماء فتوضأت وصليت ، وأتاني بطعام فأخبرته أني صائم ، فلما كانت المغرب أتاني بماء فتوضأت وصليت ، وأرخى عليّ الليل سدوله فيئست من الحياة ، وسمعت أبواب المدينة تغلق ، وأقفالها تشدد ، فامتنع مني النوم ، فلما ذهب صدر الليل أتاني الخصى ففتح عني ومضى بي فأدخلني صحن دار ، ثم أدناني من ستر مسدول