أنشدنا أبو نعيم الحافظ ، أنشدنا عبد الله بن جعفر بن إسحاق الجابري الموصليّ ـ بالبصرة ـ قال : أنشدنا عبد الله بن المعتز :
ما عابني إلا الحسو |
|
د وتلك من خير المعايب |
والخير والحساد مقر |
|
ونان إن ذهبوا فذاهب |
وإذا ملكت المجد لم |
|
تملك مذمات الأقارب |
وإذا فقدت الحاسد |
|
ين فقدت في الدّنيا الأطايب |
وأنشدنا أبو نعيم قال : أنشدنا الجابري قال : أنشدنا عبد الله بن المعتز :
فما تنفع الآداب والعلم والحجى |
|
وصاحبها عند الكمال يموت |
كما مات لقمان الحكيم وغيره |
|
فكلهم تحت التراب صموت |
أخبرنا علي بن المحسن المعدل ، حدّثني أبي ، أخبرنا أبو بكر الصولي قال : كان القاسم بن عبيد الله الوزير قد تقدم عند وفاة المعتضد بالله ، إلى صاحب الشرطة مؤنس الخادم أن يوجه إلى عبد الله بن المعتز ، وقصى بن المؤيد ، وعبد العزيز بن المعتمد ، فيحبسهم في دار ، ففعل ذلك ، فكانوا محبسين خائفين إلى أن قدم المكتفي بالله بغداد فعرف خبرهم ، فأمر بإطلاقهم ، ووصل كل واحد منهم بألف دينار. قال : فحدّثنا عبد الله بن المعتز قال : سهرت ليلة دخل في صبيحتها المكتفي إلى بغداد ، فلم أنم خوفا على نفسي ، وقلقا بوروده ، فمرت بي في السحر طير فصاحت ، فتمنيت أن أكون مخلى مثلها ، لما يجري عليّ من النكبات ، ثم فكرت في نعم الله عليّ ، وما خاره لي من الإسلام ، والقربة من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وما أؤمله من البقاء الدائم في الآخرة ، فقلت في الحال :
يا نفس صبرا لعل الخير عقباك |
|
خانتك من بعد طول الأمن دنياك |
مرت بنا سحرا طير ، فقلت لها |
|
طوباك يا ليتني إياك ، طوباك |
لكن هو الدهر فألقيه على حذر |
|
فرب مثلك تنزو بين أشراك |
وقيل إن ابن المعتز تمثل في الليلة التي قتل في صبيحتها بهذه الأبيات وضم إليها أبياتا أخر ، ونحن نذكرها في آخر أخباره إن شاء الله. وقد كان جعفر المتقدر بالله اضطرب عليه عسكره فخلعوه وبايعوا لابن المعتز بالخلافة ، ثم عادوا إلى المقتدر فأذعنوا بطاعته ، واستخفى ابن المعتز ، ثم ظهر عليه فسلم إلى المقتدر فقتله ، ولم يلبث