ابن المعتز بعد أن بويع غير يوم واحد حتى تفرق الناس عنه ، وكانت هذه القصة في سنة ست وسبعين ومائتين.
أخبرنا أحمد بن عمر بن روح النهرواني ، أخبرنا المعافى بن زكريا قال : حدثني بعض شيوخنا أن بعضهم حدثه أنه لما كان من خلع المقتدر في المرة الأولى ما كان ، وبويع عبد الله بن المعتز بالخلافة ، دخل على شيخنا أبي جعفر الطبري فقال : ما الخبر وكيف تركت الناس ـ أو نحو هذا من القول ـ فقال له : قد بويع عبد الله بن المعتز ، قال فمن رشح للوزارة؟ فقال محمّد بن داود بن الجرّاح قال : فمن ذكر للقضاء؟ فقال الحسن بن المثنى ، قال : فأطرق قليلا ثم قال : هذا أمر لا يتم ولا ينتظم ، قال : فقلت له : وكيف؟ فقال كل واحد من هؤلاء الذين سميت متقدم في معناه ، عالي الرتبة في أبناء جنسه ، والزمان مدبر ، والدّنيا مولية ، وما أرى هذا إلا إلى اضمحلال وانتقاص ، ولا يكون لمدته طول ، فكان الأمر كما قال.
أخبرني الأزهري ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة قال : سنة ست وتسعين ومائتين فيها سعى جماعة من الكتاب والقواد بعضهم إلى بعض عازمين على خلع المقتدر ، والبيعة لعبد الله بن المعتز ، فناظروه في ذلك فأجابهم على أن لا يسفك دم ، ولا يكون حرب ، فأخبروه أن الأمر لا يسلم عفوا ، وأن جميع من وراءهم قد رضوا به ، فصاروا إلى دار سليمان بن وهب ، ووجهوا إلى عبد الله بن المعتز فأحضروه ، وجاء محمّد بن داود بن الجرّاح ، وعلي بن عيسى ، ومحمّد بن عبدون ، وأحضر أبو عمر محمّد بن يوسف ، وبويع لعبد الله بن المعتز ، وسلم عليه بالخلافة ، وصير محمّد بن داود وزيرا ، وكان محمّد بن سعيد الأزرق ، يستحلف الناس على البيعة ، وهذا كله ليلة الأحد ـ يعني لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول ـ فلما أصبحوا في يوم الأحد خرج جماعة من الخزر من دار المقتدر ، فصاعدوا في الشذى والطيارات فلما بصروا بهم تفرقوا وولوا منهزمين لا يلوون على أحد. وانتهبت دار العبّاس بن الحسن ، ودار محمّد بن داود ، ومنازل جماعة ، وهرب عبد الله ابن المعتز ومحمّد بن داود ، ومن كان معهم في القصة ، وصعد ابن المعتز في زورق وعبر إلى دار ابن الجصاص واستخفى عنده ، وسعى خادم لابن الجصاص بابن المعتز ، فأخذ فحدر إلى دار الخليفة ، ثم سلم إلى مؤنس الخادم فقتله ، ووجه به إلى منزله فدفن هنالك.