المنى ولازمه حتى برع فيه (١) ، وقرأ الأصول والخلاف والجدل على محمد بن أبي علي التوقاني الشافعي ، وصحب شيخنا إبراهيم بن الصقال ، وصار معيدا لمدرسة ، ثم درس بمسجد ابن المنى بالمأمونية مدة ، وكان يؤم الناس في الصلوات بمسجد الآجرة ، وشهد عند قاضي القضاة أبي الفضائل القاسم بن يحيى بن الشهرزوري في شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين وخمسمائة فقبل شهادته ، وتولى الخزن بالديوان العزيز وكانت له حلقة بجامع القصر يتكلم فيها في مسائل الخلاف ، ويحضر عنده الفقهاء ، وكان فقيها فاضلا حافظا لكتاب الله وللمذهب ، حسن الكلام في مسائل الخلاف ، متدينا ، حسن الطريقة ، سمع الحديث من الكاتبة شهدة بنت أحمد الآبري وغيرها ، وسمع معنا أخيرا من مشايخنا فأكثر ، وكان حسن الأخلاق متوددا ، حدث بيسير ، ولم يتفق لي أن أكتب عنه شيئا ، روى عنه أبو عبد الله محمد بن سعيد بن يحيى الدبيثي (٢) الواسطي ؛ وكان يذكر أن مولده سنة تسع وأربعين أو سنة خمسين وخمسمائة ، وتوفي في يوم الاثنين الثامن عشر من (٣) جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وستمائة ، ودفن من الغد بباب حرب.
من أهل ميهنة ، من أولاد المشايخ وأعيان الصوفية ، ولم يكن في أولاد الشيخ أبي سعيد في وقته مثله ، سمع الحديث بمرو من أبي الفتح عبيد الله بن محمد بن أردشير الهشامي وأبي بكر محمد بن منصور بن عبد الجبار السمعاني ، وببنج ديه من أبي الحسن محمد بن عبد الواحد بن محمد المروزي ، وسمع أيضا من والده أبي البركات ومن الإمام أبي حامد الغزالي الفقيه ، وقدم بغداد واستوطنها إلى حين وفاته برباط ابن
__________________
(١) في كل النسخ : «حتى نزع فيه».
(٢) في كل النسخ : «الزينبي» والتصحيح من شذرات الذهب ٥ / ١٨٥.
(٣) في الأصل : «الثامن عشرين».
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.