الجمع متوفرا ، ثم صلى عليه نوبة ثانية بالمدرسة النظامية ، ودفن بباب حرب ، وأظنه قارب الخمسين أو بلغها رحمة الله عليه.
من أهل جليانة ـ قرية من قرى غرناطة من بلاد الأندلس ـ دخل الشام وسكنها مدة ، ثم قدم علينا بغداد حاجّا في صفر سنة إحدى وستمائة ونزل بالمدرسة النظامية ، وكتبنا عنه كثيرا من نظمه ، وكان أديبا فاضلا ، له شعر جيد مليح المعاني ، أكثره في الحكم والإلهيات وآداب النفوس والرياضيات ، وكان طبيبا حاذقا ، وله رياضيات ومعرفة بعلوم الباطن ، وكلام مليح على طريقة القوم ، وكان مليح السمت ، حسن الأخلاق ، لطيفا.
أنشدنا عبد المنعم بن عمر الجلياني لنفسه ببغداد في المدرسة النظامية لنفسه :
أقول لما رأيت الحب مدركه |
|
صعب وفي القلب أشواق تحركه |
يا ساكنين بأعلى الدار منزلة |
|
وقد توعر مرباه ومسلكه |
كيف السبيل لمثلي أن يزوركم |
|
وقد حللتم مكانا ليس أدركه |
نبهتم القلب كي يهوى فحين جلى |
|
لقاؤكم غبتم والوجد ينهكه |
فإن ظهرتم فبرأ القلب متجه |
|
أو ما احتجابكم عنه سيهلكه |
إذا بكى بدموع الهجر خلف جوى |
|
فليس غير ابتسام الوصل يضحكه |
لم تستجيزون التحاشي على شغفي |
|
بكم وإخلاص حب لست أشركه |
إن عاقني عن (٢) دخولي داركم جسدي |
|
فها (٣) أنا عند (٤) باب الدار أتركه |
__________________
(١) انظر : فقرات الوفيات ٢ / ٣٥. ومجمع البلدان ٣ / ١٣٠.
(٢) في الأصل : «عافكم دخولي»
(٣) في (ج) : «فما أنا عبد»
(٤) في كل النسخ : «عبد».