بل قد يظهر من بعض كلماتهم أن ذلك مرادهم من قصد الوجه ، قال في محكي التجريد : «ويستحق الثواب والمدح بفعل الواجب والمندوب وفعل ضد القبيح والإخلال به بشرط فعل الواجب لوجوبه والمندوب كذلك ..» ، وعن العلامة في شرحه : «واعلم أنه يشترط في استحقاق الفاعل المدح والثواب إيقاع الواجب لوجوبه أو لوجه وجوبه ، وكذا المندوب بفعله لندبه أو لوجه ندبه».
وإن أريد أنه معتبر شرعا في خصوص العبادات مع التمكن منه ، فهو محتاج إلى دليل مفقود ، بل إهمال الشارع له مع غفلة العقلاء والمتشرعة عنه موجب للقطع بعدم اعتباره ، بل قال شيخنا الأعظم قدّس سرّه في مبحث الانسداد : «إن معرفة الوجه مما يمكن للمتأمل في الأدلة وفي إطلاقات العبادة وفي سيرة المسلمين وسيرة النبي صلّى الله عليه وآله والأئمة عليهم السّلام مع الناس الجزم بعدم اعتبارها حتى مع التمكن من المعرفة العملية. ولذا ذكر المحقق قدّس سرّه ـ كما في المدارك في باب الوضوء ـ : أن ما حققه المتكلمون من وجوب إيقاع الفعل لوجهه أو وجه وجوبه كلام شعري».
وأما دعوى الإجماع المتقدمة عن الرضي قدّس سرّه فالظاهر أنها أجنبية عما نحن فيه ، وأن مراده قدّس سرّه الإجماع على بطلان عمل الجاهل المعتقد لخلاف الواقع إذا عمل على طبق اعتقاده ، خلافا لما عن المصوبة من صحة عمله وانقلاب الواقع في حقه.
فعن الذكرى والروض في مسألة اجتزاء المسافر بصلاته لو أتم جاهلا بوجوب القصر عليه : «ان الرضي سأل أخاه المرتضى رحمه الله فقال : الإجماع واقع على أن من صلّى صلاة لا يعلم أحكامها فهي غير مجزية ، والجهل بأعداد الركعات جهل باحكامها ، فلا تكون مجزية. فأجاب المرتضى عنه بجواز تغير الحكم الشرعي بسبب الجهل وإن كان الجاهل غير معذور ..» وأين هذا مما نحن