لتعدد الجهة.
كما أن الحال كذلك في المركب الذي تتعدد جهاته بتعدد أجزائه ، فقد يتعلق به الغرض من جميع الجهات ، فيوجد بتمام أجزائه ، وقد يتعلق به الغرض من بعض جهاته ، فلا يوجد إلا بعض أجزائه.
الثاني : أن الإرادة التشريعية التي هي المناط في الأحكام من سنخ الإرادة التكوينية ، بل هي مرتبة منها ، وليس الفرق بينهما إلا في كيفية التعلق بالمراد ، فإن لوجود الفعل من المكلف مقدمات ، بعضها يتعلق بالعبد ، وبعضها يتعلق بالمولى ، وهي جعل الحكم ، وتنجيزه على المكلف ـ بإيصاله أو بإيجاب الاحتياط فيه ـ وحدوث الداعي العقلي له إلى الإطاعة ، كالخوف من المولى ، او الرجاء له وغيرهما.
فإن تعلّقت إرادة المولى بالفعل من جميع الجهات لاقتضاء ملاكه لذلك كانت تلك الإرادة تكوينية ، وامتنع تخلفها عن المراد ـ مع قدرة المولى ـ والإرادة المذكورة تستتبع إرادات غيرية لتمام المقدمات الموصلة له ، فيجعل المولى الحكم وينجزه على المكلف ـ بإيصاله أو إيجاب الاحتياط عليه فيه ، ويهدده ويخوفه ، إلى أن يختار الامتثال ويحقق المراد.
وإن تعلقت به من جهة تشريع الحكم فقط لعدم اقتضاء ملاكه إلا ذلك كانت الإرادة تشريعية ، وهي لا تقتضي إلا تشريع الحكم وجعله ، ولا تقتضي تنجيزه ولا غير من المقدمات ، بل يتوقف ذلك على إرادة اخرى تقتضي الوجود من تلك الجهات ، وذلك تابع لغرض المولى التابع لمقدار الملاك الملحوظ له.
وبالجملة : الإرادة التشريعية مرتبة من الإرادة التكوينية تقتضي وجود فعل المكلف من حيث تشريع الحكم لا غير ، ولذا أمكن تخلف المراد عنها.
إذا عرفت هذا ، ظهر أن جعل الحكم لا ينافي جعل الطرق المخالفة له ،