يحمل المكلف على الامتثال ، من تنجيز الحكم على المكلف ، وإقداره على امتثاله ، واحداث الداعي في نفسه بالتخويف والتهديد والهداية وغير ذلك ، لئلا يلزم نقض الغرض.
واخرى : لا تصدر عن إرادة تكوينية ، بل لدواع أخر ، فلا يلزم تهيئة ما يتوقف عليه الامتثال مما تقدم ، بل يمكن حينئذ تهيئة ما يمنع عنه ، من نصب الطرق المؤدية لخلاف الواقع ، أو تعجيز المكلف عن الوصول إليه ومعرفته بنحو لا يتسنى الاحتياط كما في الدوران بين المحذورين أو إيجاد أسباب العصيان له ، كإثارة الدواعي الشهوية ، وتمكين الشيطان منه ، وحرمانه من فيض الهداية الربانية ، ولا يلزم من ذلك نقض الغرض بوجه.
نعم ، لا إشكال في أن التكاليف الشرعية تابعة للملاكات الفعلية ، إلا أن فعلية الملاكات لا تقتضي عقلا حفظها من جميع الجهات ، بل تقتضي حفظها في مقام التشريع بالوجه الذي لا يلزم منه محذور أهم ، فإذا فرض لزوم المحذور ـ كالحرج النوعي ـ لم يقبح عقلا تفويتها ـ بجعل الطرق المخالفة أو بعدم إيجاب الاحتياط أو بغيرهما ـ ولا ينافي ذلك فعليتها ، إذ ليس المراد بفعلية الملاك المستتبعة لفعلية الحكم إلا كونه بنحو يقتضي رجحان الفعل أو الترك ، بحيث يقتضي العمل لو تنجز في حق المكلف ، وجواز تفويته من قبل الشارع بجعل ما يمنع من تنجيزه ـ كالطرق المخالفة له ـ لمصلحة في جعله لا ينافي فعليته بهذا المعنى ، ولا يلزم منه التصويب.
وبعبارة اخرى : بطلان التصويب إنما يقتضي فعلية الأحكام ـ تبعا لملاكاتها ـ في حق المكلف ، بحيث يكون عمل المكلف واجدا للملاك المقتضي للحكم من دون مزاحم ، وهو لا يستلزم فعلية الملاك في حق المولى بنحو يلزمه استيفاؤه تشريعا حتى بإيصاله للمكلف ، بل يمكن عروض ما يقتضي تفويته وعدم تنجيزه من المزاحمات ، فلا يقبح منه حينئذ تفويته وإن كان