المصلحة أو المفسدة والشوق أو الكراهة للمتعلق كالواقعي ، بل هو ناشئ عن مصلحة في جعله ـ كما سبق من المحقق الخراساني قدّس سرّه ـ وهي تقتضي الشوق إلى الجعل لا إلى المتعلق ، فلا ينافي الحكم الواقعي من هذه الجهة. وأما من حيث الآثار فلامتناع وصولهما معا للمكلف ، ليتعذر امتثالهما ، لوضوح أنه مع وصول الحكم الواقعي لا موضوع للحكم الظاهري ومع عدمه لا يجب امتثاله عقلا ، ليتعذر الجمع بينه وبين الحكم الواقعي في الامتثال.
وفيه .. أولا : أن ما ذكره في حقيقة الأحكام التكليفية من أنها من سنخ الوضع والاعتبار كالدين مخالف للمرتكزات العرفية ، للتباين ارتكازا بين مفاد الوضع والتكليف ، فالأول من سنخ الجعل والتكوين الاعتباري ، والثاني من سنخ البعث والتحريك اعتبارا ، فهو ناظر لحركة المكلف متقوم بها ، ولذا امتنع اعتباره وجعله عرفا مع تعذر الفعل ، بخلاف الوضع كالدين ، ولذا ذكرنا أنه متقوم بالخطاب والتحريك بداعي جعل السبيل إلزاما أو اقتضاء ، كما أن الاباحة مبتنية على النظر لفعل المكلف ورفع الحرج فيه.
وثانيا : أن ما ذكره في منشأ تضاد الأحكام الواقعية من حيث المبدأ مما لا مجال له بعد ما سبق في دفع محذور تفويت الملاكات الواقعية من عدم تبعية الأحكام للإرادة والشوق والكراهة ، وما عرفت في دفع الوجه الخامس المتقدم من عدم لزوم تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد في المتعلقات.
كما أن ما ذكره في منشأ التضاد بينها من التنافي بينها في الآثار لعدم إمكان الجمع بينها في الامتثال انما يقتضي امتناع الجمع بينها لاستلزامه التكليف بالمحال ، لا التضاد بينها بنحو يكون الجمع بينها تكليفا محالا.
مع أنه مختص بالأحكام المتنافية في مقام العمل ، دون مثل الوجوب مع الاستحباب ، والإباحة مع غيرها من الأحكام ، إذ لا يتعذر على المكلف الجمع بينها في مقام الامتثال.