تخصيص بلسان رفع الموضوع تنزيلا ، فالشك فيها شك في التخصيص الذي يندفع بعموم العام بلا كلام.
ولا يتم ما ذكره قدّس سرّه إلا على القول بالورود الذي هو رفع حقيقي لموضوع العام بسبب التعبد الشرعي.
وهو محل إشكال ، بل منع ، كما يظهر بمراجعة ما تقدم في مبحث قيام الطرق والأصول مقام القطع الموضوعي من الكلام في مفاد أدلة جعل الطرق.
نعم ، يشكل أصل الاستدلال بعدم وضوح الدليل على العموم المذكور ، فإن الآية المتقدمة لم يتضح ورودها لبيان عدم الاعتماد في مقام العمل على غير العلم ، بل لعل المراد بها بيان حرمة التعبد والتدين والفتوى من غير علم تكليفا ، كما يناسبه ذيلها ـ بناء على سوقه مساق التعليل ، وليس استئنافا ـ ويشهد له ما في خبر علي بن جعفر : «ليس لك أن تتكلم بما شئت ، لأن الله عزّ وجل يقول : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)» (١). وحينئذ فالاستدلال بها مبني على ملازمة الحجية لجواز الفتوى والتعبد بمؤدى الحجة ، بحيث يستدل بدليل تحريمهما على عدم الحجية ، وهو محل إشكال كما يأتي عند الكلام في الأثر الثاني للحجية.
على أنها لو دلت على ذلك فهي ككثير من الأخبار المتضمنة أنه لا عمل إلا بعلم ، وأن من عمل على غير علم كان ما يفسده أكثر مما يصلحه ، منصرفة إلى خصوص من لا يعلم لا بالواقع ولا بالحجة ، ولو لأنه مقتضى الجمع بينه وبين ما دل على حجية كثير مما لا يفيد العلم ، فإن الجمع بذلك أولى من الجمع بتخصيص العموم المذكور ، لأنه آب عن التخصيص عرفا ، لانصرافه إلى بيان معنى ارتكازي ، فهو نظير ما ورد من أن العامل على غير بصيرة كسائر على غير
__________________
(١) يراجع الخبر المذكور وبقية أخبار المقام في الوسائل ج ١٨ : ٩ ، الباب : ٤ من أبواب صفات القاضي من كتاب القضاء.