الفصل الأول
في حجية الظواهر
حيث كان الكلام هو أهم الطرق البيانية التي جرى العقلاء على التفاهم بها ، وكان ذلك مما فضّل الله تعالى به الإنسان وميزه به عن البهائم ، وكان للعقلاء وأهل اللسان طرق خاصة في أداء المقاصد بالكلام وتحصيلها به ، فالظاهر من الشارع الأقدس جريه على الطرق المذكورة والمتابعة لها وعدم الخروج عنها ، وإلا كان عليه التنبيه على ذلك ، والردع عن الطرق المذكورة ، لأن متابعتها هي مقتضى الطبيعة الأولية كسائر السير العقلائية العامة ، فتحتاج مخالفتها إلى البيان والردع ، وحيث لم يظهر منه الردع عن الطرق المذكورة ، بل الجري عليها في كثير من الموارد كان ذلك قرينة قطعية على إمضائه للطرق العقلائية ، وإلا كان مخلا بغرضه ومغررا باتباعه ، وهو قبيح منه ممتنع في حقه.
وبالجملة : لا ريب في عدم خروج الشارع عن الطرق العقلائية في مقام التفاهم بالكلام ، وهذا راجع إلى حجية الطرق المذكورة شرعا إمضاء لسيرة العقلاء.
من دون فرق بين كلامه وكلام غيره ، فكما يجوز أخذ مقاصده من كلامه بالطرق المذكورة كذلك يجوز أخذ مقاصد غيره بها في حكمه ، كما في موارد الوصايا والأقارير والشهادات وغيرها.
وحينئذ فاللازم النظر في الطرق العقلائية وتحديدها.
فنقول : ليس مبنى العقلاء في مقام التفاهم على الاقتصار على النصوص