الأحوال والأشخاص كثيرا ، وذلك يوجب اضطراب باب التفاهم ، ويتوقف معه الالزام والاحتجاج بالكلام ، بخلاف ما لو كان تابعا للظهور ، فان ضبطه سهل حينئذ ، لتبعيته للمرتكزات العامة المشتركة غالبا بين الكل ، فيتسنى الاعتماد عليه في مقام التفاهم والالزام به في مقام الاحتجاج والتعذير والتنجيز.
نعم ، لا يبعد توقف العقلاء عن الاعتماد على الظهور مع وجود أمارات عرفية توجب الوثوق بوجود قرائن ترفع بها اليد عن أصالة عدم القرينة أو أصالة الجهة ونحوهما مما كان العمل بالظهور مبنيا عليه ، وإن لم يقطع بوجود القرائن المذكورة ولم تكن الامارات معتبرة.
ولعله على ذلك تبتني سيرة الفقهاء في مختلف العصور على طرح الروايات المتروكة والمهجورة بين الأصحاب ، فان هجرها قرينة عرفية توجب الاطمئنان بعثورهم على خلل في ظهورها أو جهتها ، وإن لم يقطع بذلك.
وإنما لا يكفى الظن أو الوثوق بعدم إرادة الظهور إذا لم يستند إلى أمارة تقتضي وجود القرينة بالنحو المذكور ، بل استند إلى جهات خارجية لا دخل لها بالظهور.
ولعله لذا لا يعتنى بشهرة الفتوى على خلاف ظهور الرواية إذا لم يظهر منهم الهجر لها أو لظهورها ، بل كان لأجل الاعتماد على دليل بنوا على معارضته لها ، أو لعدم اطلاعهم على الرواية ، أو لخطئهم في فهمها ، أو لنحو ذلك مما لا يوجب الوثوق باطلاعهم على ما يوجب الخلل في ظهورها أو جهتها. فتأمل جيدا.