دعوى الإجماع إلى حكاية قول الإمام عليه السّلام أو رأيه ، بل ربما قيل : إنه من الخبر العالي السند ، لأن مدعى الإجماع يحكي عنه عليه السّلام بلا واسطة.
والذي ينبغي أن يقال : إن حجية نقل الإجماع بملاك حجية خبر الواحد مبني على أحد أمرين :
الأول : أن يكون مرجع كلام ناقل الإجماع إلى نقل قول الإمام عليه السّلام في ضمن أقوال المجمعين.
الثاني : أن يكون ما ينقله من الأقوال ملازما عقلا أو عادة لقول الإمام عليه السّلام ، فيكون خبره حجة فيه ، بناء على ما هو الظاهر من حجية الخبر في لازم مؤداه وإن لم يقصد المخبر الإخبار عنه.
أما الأول فهو بعيد عن ظاهر كلام أكثر نقلة الإجماع ، كما سبق.
مع أنه لا مجال لحجيته مع عدم كون ناقل الإجماع من أصحاب الأئمة عليهم السّلام ، لعدم اطلاعه على آرائهم من السؤال ونحوه من الطرق الحسية.
كما يبعد اطلاعهم عليها من طريق ملحق بالحس ، كالتواتر الموجب للعلم لكل أحد ، وإلا لكان ذكره في مقام الاستدلال أولى من ذكر الإجماع ، لأنه أصرح في بيان الحجة.
مع أنه يكفي في عدم قبول نقل الإجماع الشك في ذلك بعد عدم ظهور كلام الناقل فيه ، إذ لو سلم ظهوره في نقل قول الإمام عليه السّلام فلا ظهور له في اعتماده على الحدس الملحق بالحس ، لاحتمال اعتماده على خبر من لا يوجب خبره العلم لغيره ، فيكون بمنزلة رواية مرسلة ليس بحجة.
على أن الظاهر بل المقطوع به ابتناء النقل ـ لو تم ظهور كلام الناقل فيه ـ على الحدس ، لقاعدة اللطف أو غيرها مما تقدم ، ومثل ذلك خارج عن عموم أدلة حجية خبر الثقة في الأحكام ، لاختصاصها بالإخبار عن حسّ أو حدس قريب منه ، وقبول الخبر عن حدس إنما هو من باب الرجوع إلى أهل الخبرة ،