بل بملاحظة التعليل في خبري الكشي المتقدم والآتي تكون الأخبار المذكورة حاكمة أو واردة على العمومات المذكورة والسيرة ، لأنها تكشف عن ابتلاء الأخبار المروية عن الأئمة عليهم السّلام بما يمنع من الاعتماد عليها عند العقلاء ، ويرفع الثقة بصدورها ، وهو دسّ الأكاذيب فيها.
ومما ذكرنا يظهر لزوم قبول هذه الأخبار وإن كانت من أخبار الآحاد ـ إذا كانت واجدة لشرائط الحجية المستفادة من عمومات الحجية أو من سيرة العقلاء ـ فضلا عما لو كانت متواترة ، لوجود مقتضي الحجية فيها ، وعدم المانع منها ، لقصورها عن إثبات عدم حجية أنفسها ، بل هي مختصة ببيان عدم الحجية في غيرها من الأخبار ، لا من جهة امتناع شمول القضية لنفسها ، فإنه لا أصل له ، بل من جهة امتناع وجود المانع عن الحجية في جميع الأخبار حتى هذه الأخبار نفسها ، إذ بعد انحصار بيان وجود المانع عن الحجية بها لا بد إما من وجود المانع المذكور فيها دون بقية الأخبار ، أو في بقية الأخبار دونها ، وحيث يتعذر حملها على بيان الأول ، لاستلزامه استعمال الكلام في نفسه ، بل ما في ما هو متأخر عنه ومن شئونه ، واستلزامه لغوية صدورها ، تعين الثاني ، فتبقى هذه الأخبار داخلة في عموم الحجية وباقية على مقتضى السيرة ، وتكون حجة على تخصيص عموم الحجية والخروج عن مقتضى السيرة في بقية الأخبار ، ومسقطة لها عن الحجية. نظير ما لو ورد ظهور كلامي رادع عن حجية الظهور.
نعم ، من يرى قصور الخبر عن الحجية ذاتا لا من جهة المانع ليس له الاحتجاج بهذه الأخبار إلا مع تواترها. وهو غير مهم.
وكيف كان ، فالأخبار المذكورة وافية ببيان عدم حجية أخبار الثقات إما لتواترها أو لما ذكرنا.
اللهم إلا أن يقال : ما رواه الكشي قدّس سرّه وإن اشتمل على عدم جواز تصديق الروايات التي لا شاهد عليها من الكتاب ، إلا أن الظاهر سوقه مساق التبري منها