وبيان عدم صدورها منهم عليهم السّلام ، وأنها لا تشبه أقوالهم ومن قول الشيطان ، وهو يناسب حملها على روايات الغلو ونحوها ، كما يشهد به ما رواه الكشي عن هشام بن الحكم أيضا ، أنه سمع أبا عبد الله عليه السّلام يقول : «كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على أبي ، وأخذ كتب أصحابه ، وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي ، فيدفعونها إلى المغيرة ، فكان يدس فيها الكفر والزندقة ، ويسندها إلى أبي ثم يدفعها إلى أصحابه فيأمرهم أن يثبتوها في الشيعة ، فكلما كان في كتب أصحاب أبي من الغلو فذاك مما دسه المغيرة بن سعيد في كتبهم» (١).
وما ذكرناه في صحيح محمد بن عيسى جار في خبر سدير أيضا ، لظهوره في أن عدم التصديق ليس لمحض عدم الحجية ، بل لكذب الرواية التي لا شاهد عليها من الكتاب وبراءتهم عليهم السّلام منها.
ولعل ما ذكرنا في الصحيح المذكور من وروده لأجل الحذر من روايات الغلو ونحوها مما لا يتناسب مع مقامهم عليهم السّلام ، يكون قرينة على بقية روايات المقام ، فالمنظور فيها ذلك ، دون روايات الأحكام التي بأيدينا والتي لا تتضمن أحكاما بعيدة عن تعاليمهم عليهم السّلام ، ولا منافية للقرآن. والمخالفة بالعموم والخصوص ونحوه لا تعد مخالفة عرفا ، بل هي من سنخ التفسير والشرح الذي هو من شأنهم عليهم السّلام.
ولا سيما مع ما قد يقال من ضعف سند الروايات وعدم وضوح تواترها إلا في خصوص صورة المخالفة. فتأمل.
على أنه لا مجال للتعويل عليها في ذلك بعد التأمل في سيرة الأصحاب قديما وحديثا وتسالمهم على الرجوع للروايات والعمل عليها ، فإن الروايات المذكورة نصب أعينهم مشهورة عندهم معروفة لديهم ، فعدم امتناعهم لأجلها
__________________
(١) رجال الكشي : ص ١٩٦.