المتيقن منها بيان وجوب التبين عن خبر الفاسق الذي هو مورد النزول ، أما ورودها لتمييز ما يجب التبين عنه عن غيره فلا دلالة لها عليه ، لا بنفسها ، ولا بضميمة موردها. فما ذكره لا يرجع إلى محصل ظاهر.
ثم إنه ربما يستدل بالآية الشريفة ..
تارة : من جهة التبين المأمور به ، إذ ليس المراد به التبين العلمي ، بل العرفي ، وهو حاصل بنفس خبر العادل ، فيكون حجة بنفسه.
واخرى : من جهة التعليل في الآية الشريفة بخوف الندم ، وخبر العادل لا يخاف من الندم في العمل به ، لأن الندم إنما يحسن إطلاقه على ارتكاب ما لا يحسن فعله ، وليس منه العمل بخبر العادل الذي يؤمن عليه الكذب ، وإن فرض خطؤه واقعا.
وثالثة : من جهة ظهور الآية الشريفة ـ بقرينة المورد ـ في الردع عن سيرة العقلاء على العمل بالخبر ، فتخصيص الردع بخبر الفاسق ظاهر في عدم الردع عن السيرة في غيره. ولعله إليه يرجع ما تقدم من بعض الأعاظم قدّس سرّه.
ويشكل الأول : بان ظاهر التبين هو العلمي لا العرفي ، اللهم إلا أن يحمل عليه بقرينة التعليل بالندم الذي يكفي في رفعه التبين العرفي.
والثاني : ـ مع ابتنائه على ورود الذيل للتعليل الذي هو محل الكلام الآتي ـ بأن التعليل إنما يقتضي ارتفاع الحكم بارتفاعه في موضوع الحكم المعلل ، لا مطلقا ، فإذا قيل : لا تأكل الرمان لانه حامض ، اقتضى جواز أكل ما لا يكون حامضا من الرمان ، لا كل ما ليس بحامض ، كما تقدم نظيره في أواخر مبحث حجية الشهرة. وحينئذ فهو إنما يدل على جواز العمل بخبر الفاسق الذي لا يورث الندم ، لا جواز العمل بكل ما لا يوجب الندم ومنه خبر العادل. اللهم إلا أن يتمسك فيه بالاولوية.
والثالث : بأنه لم يتضح من مورد الآية قيام سيرة من العقلاء على العمل